حول فضيحة الأخطاء القاتلة في مستشفى العدان!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
قضية الأخطاء الطبية، وبحسب ما ذكر الدكتوران الشاكيان أحمد الكندري ومدحت فرغلي، وهما من تحدثا في البرنامج المذكور، ليست وليدة اليوم ولا الأمس، إنما هي قضية طويلة الأمد، سلك عبرها الطبيبان كل السبل، وصولا إلى اللجنة الصحية في مجلس الأمة، ومع ذلك لم يفعل أحد شيئا، فما كان أمامهما وبعد تزايد الضغوط والتهديدات ضدهم إلا اللجوء إلى فضائية «الوطن»، وبهذه الطريقة الدرامية.فما الذي منع النواب من التفاعل معها بالأمس وأشعل حماسهم اليوم يا ترى؟!هل كانوا بحاجة إلى أن تثار مثل هذه القضية الحيوية الدقيقة الحساسة بهذه الطريقة «التابلويدية» الفضائحية حتى تنتفض غيرتهم ويشعرون بالمسؤولية؟ وهل قضية تخصصية دقيقة مثل هذه، وهي القضية التي يفترض أن تكون لها قنواتها الرسمية، وطريقها التصاعدي التصعيدي المحدد قانونا، أقول هل قضية مثل هذه يصح أن تكون محلا لهذا الابتذال والتعميم الإعلامي، وبالأخص على يد رجل قانون يفترض أنه يدرك ذلك وبجلاء؟هل كان صحيحا أن تصل مثل هذه القضية إلى حد تفجيرها إعلامياً، وتأزيمها سياسياً، ومن ثم تشكيك المجتمع بأسره بكامل الخدمة الصحية، وبكل الأطباء العاملين في مرافق وزارة الصحة، صالحهم وطالحهم، عبر لغة التعميم التي استخدمت في ذلك البرنامج؟!وماذا كانت النتيجة يا ترى؟ ها نحن الآن أمام أزمة سياسية جديدة، وها هم الناس يخرجون مرضاهم من المستشفيات خوفا من رداءة الخدمة، وقلقا من مستوى الأطباء، وها هي أسماء الطبيبين المتهمين وسمعتهما قد صارت مشاعاً لكل الناس عبر رسائل الهواتف النقالة، وذلك قبل أن تقول لجان التحقيق كلمتها، فهل هذا هو الأسلوب الحكيم والصحيح للتعامل مع مثل هذه الأمور؟ وهل هذا ما نريده أن يكون متبعا في أمورنا وقضايانا؟!الآن قد «سبق السيف العذل»، ولا مناص أمام وزارة الصحة، ممثلة في وكيلها الدكتور إبراهيم العبد الهادي، باعتباره الرجل المتخصص، من تحمل مسؤوليتها، والتوضيح إعلاميا، وإيقاف الأطباء محل الاتهام عن العمل حتى تقول لجنة التحقيق المختصة كلمتها في أقرب وقت، على أن تكون هذه اللجنة محايدة، وبعدها تتخذ الإجراءات القانونية في حقهم عند ثبوت التهمة أو يعاد لهم اعتبارهم في حال عكس ذلك.وأما بخصوص الأخ العزيز د. أحمد الكندري، وأستاذي الدكتور مدحت فرغلي الذي تدربت يوما تحت إشرافه، فبالرغم من تعاطفي الكبير معكما وشعوري بقسوة التهديدات التي تعرضتما إليها والتي قد تكون دفعتكما إلى اللجوء إلى هذه الخطوة، إلا أنني كنت أتمنى ألا تثار المسألة بهذه الطريقة التي أخشى أن تضر أكثر مما ستنفع، وهذا والله العاصم من كل شر!