Ad

إن كان دخول «المنبر الديمقراطي» إلى عالم المناطق الخارجية هو من الباب النظري، باعتبار أنه حزب للكويتيين كلهم من دون أي أهداف ومرام ٍانتخابية، فلا مانع من ذلك، لكن إن كان المنبر يعوّل فعلاً على إحراز نتائج انتخابية هناك، فعليه أن يعيد حساباته مرة أخرى.

كنت بصدد الكتابة عن هذا الموضوع منذ فترة ليست بالقصيرة، ولكن تسارع الأحداث على الساحة المحلية خطف الانتباه نحو موضوعات أخرى، حتى جاءت بعدها الإجازة الصيفية، وإذا بالموضوع وقد تقادم حتى خرج عن إطاره الزمني. لكنني أمس، في أثناء قراءتي مقالاً للزميلة د. هيلة المكيمي بعنوان «المنبر الديمقراطي»، وجدته منشوراً على أحد مواقع الإنترنت، استرجعت الفكرة بعدما كنت تناسيتها.

تحدثت د. هيلة عن تصريح نائب رئيس «المنبر الديمقراطي» النائب محمد العبدالجادر الذي نُشر منذ فترة عن توجّه المنبر نحو دعم مرشحين ينتمون إلى المنبر من أبناء القبائل استعدادا للانتخابات المقبلة، وافتتاح مراكز ودواوين في الدائرتين الرابعة والخامسة لتحقيق المزيد من الانتشار، وأشادت د. هيلة بهذا التوجه من قبل المنبر، كونه جاء متفاعلا مع النقد البنّاء الذي كان يوجه إلى المنبر.

الحديث عن توجه «المنبر الديمقراطي» نحو المناطق الخارجية وباتجاه الجمهور من أبناء القبائل لتحقيق مزيد من الانتشار، إن نحن قسناه على الميزان النظري، فهو كلام لطيف وجميل ومنمّق يجدر بكل حزب سياسي أن يقوله، لأنه لا يصح أن يتوجه أي حزب نحو فئات معينة من أبناء المجتمع ويتجاهل أخرى، لكن -وما أدراك ما «لكن» هذه- يدرك مَن لديه قليل من المعرفة السياسية والانتخابية الكويتية، أن التعامل مع ملابسات الملف الانتخابي/السياسي في المناطق الخارجية في صفوف أبناء القبائل، ليس نزهة بحرية حالمة تحت ضوء القمر بأي حال من الأحوال، بل لعلها أقرب ما تكون إلى رحلة في صحراء حارّة مجهولة مليئة بالرمال المتحركة!

إن كان دخول «المنبر الديمقراطي» إلى عالم المناطق الخارجية هو من الباب النظري، باعتبار أنه حزب للكويتيين كلهم من دون أي أهداف ومرام ٍانتخابية، فلا مانع من ذلك، لكن إن كان المنبر يعوّل فعلا على إحراز نتائج انتخابية هناك، فعليه أن يعيد حساباته مرة أخرى، أو لأقلْها بشكل أكثر مباشرة، عليه أن يصرف هذه الفكرة عن مخيلته، في الفترة الحالية على الأقل!

مَن نظر إلى الانتخابات الأخيرة، والانتخابات جميعها التي سبقتها، يعرف تماما أن الملف الانتخابي الكويتي ليس ملفا مباشرا يخضع أولا لقواعد كفاءة المرشح وجودة برنامجه، وأن الملف الانتخابي في المناطق الخارجية هو الأبعد وباقتدار عن هذه القواعد، وأنه يخضع قبل ذلك وبكثير لمعايير أخرى نعرفها جميعا، ولا أظن الزملاء في «المنبر الديمقراطي» يجهلونها.

لذلك يحق لنا أن نسأل: هل قرر المنبر يا ترى أن يسير في المسارات نفسها التي سلكتها التيارات الإسلامية سابقا في الانتخابات بالمناطق الخارجية، فصار ينوي الركوب على ظهر مرشحي القبائل والادعاء بعدها أن له انتشارا في تلك المناطق؟

هل صار يفكر باستثمار مخرجات الانتخابات الفرعية لتسمية مرشحيه منها كما فعلت الجماعات الإسلامية؟

هل استسلم المنبر فقرر الدخول في لعبة الفرعيات والتحالفات القبلية المنتشرة في تلك المناطق، والتي لم تتنزه التيارات الإسلامية عنها، وللأسف؟

إن كانت الإجابة (لا) على الأسئلة أعلاه كلها، وهو ما افترضه، فإذن سأتصور بأن اتجاه «المنبر الديمقراطي» نحو المناطق الخارجية والجمهور الانتخابي من أبناء القبائل ما هو إلا رحلة فكرية تنويرية سياحية لا أكثر، أتمنى أن تكون سعيدة وخالية من الوقوع في الرمال المتحركة!