من الآن، باركوا للتكتل «الشعبي» وبقية أعداء ما اصطلح على تسميتهم «الحيتان»، لأن الحكومة من «رداة الحظ» ألقمت حملاتهم بالوقود اللازم لضمان النجاح، وأنعشت قلوبهم بصدمة كهربائية مقدارها «مليار ونص المليار فولت... أقصد دينار».

Ad

أثبتت التجربة أن سوء الأداء الحكومي وقود حملات مرشحي البرلمان، فقد تحولت الحكومة من مشرف على الانتخابات، إلى لاعب أساسي فيها، إن لم تكن أكبر المؤثرين بفرص فوز المرشحين، سواء كانوا نواباً سابقين أو مرشحين جددا، بقصد أو من دونه.

حكومتنا العزيزة، حاربت العام الماضي الانتخابات الفرعية، ففاز جميع المرشحين الذين أفرزتهم تلك الانتخابات عدا مبارك الوعلان، بل كان تحدي القانون أيامها سافراً، حيث رُفع المشاركون فيها على الأكتاف، كأنهم خرجوا منتصرين من حرب ضروس، وعلى الطرف الآخر، رأينا الحكومة ترخي الحبل لمعارضي «جماعة السيد عدنان عبد الصمد»، فوصل السيد ورفاقه إلى «قاعة عبد الله السالم»، ثم عاندت أحمد السعدون ومسلم البراك في زيادة الرواتب وصندوق المعسرين، فانتهينا بوصولهما معاً، إلى جانب ضيف الله بورمية.

مشكلة حكومتنا أنها لا تتعظ من تجاربها السابقة، ولا تدرك أن العقلانية في التعاطي مع الشأن العام مطلوب في مرحلة حساسة مثل الانتخابات، لأن ما تتخذه من قرارات يفرض نفسه كموضوع رئيسي في خطابات المرشحين، خصوصاً في أجواء باردة ومترددة كهذه التي تشهدها الساحة الانتخابية هذه الأيام، فتحدد من حيث لا تعلم، الخطاب المضاد، وتسمي قادته.

ومع صدور مرسوم الدعوة إلى الانتخابات المقبلة، المفترض غداً الأحد، ستجد الحكومة نفسها في مواجهة شرسة مع جميع المرشحين، لأنها أقدمت على تمرير مشروع قانون الإنقاذ الاقتصادي بصفة الضرورة، بينما يفصل بدء تطبيقه عن التئام المجلس بعد الانتخابات «محاري الشهر».

شخصياً، أرفض تدخل الحكومة في معالجة أوضاع الشركات المتعثرة، كون المسألة خاضعة لمبدأ الإدارة، وحرية الإرادة ووجوب تحمل المخطئ نتائج قراراته، ولا يعنيني إطلاقا انهيار البورصة، لأنها ليست مؤشراً على سلامة الوضع الاقتصادي، في بلد يرتكز دخله على النفط، وأستغرب حماسة الحديث عن الاقتصاد الكويتي وكأنه اقتصاد هونغ كونغ أو سنغافورة، وجميعنا يعلم أننا دولة ريعية، إلى جانب خضوع الشركات الكويتية المدرجة في سوق الأوراق المالية لمعايير محاسبية ورقابة جهات إشرافية، وهي جميعها مسؤولة عما يحدث من تلاعب أو احتيال، ويتعين مساءلتها إن أخطأت.

الحكومة التي تشكو من التصعيد وعدم إمكان التعاون مع المجلس السابق، وضعت نفسها محل شبهة دستورية ومالية، واعتمدت قانوناً يسحب من المال العام ملياراً ونصف المليار دينار، ولا تريد أن يسائلها عن ذلك أحد، وهذا تصرف غير مسؤول ولا يتماشى مع قواعد الديمقراطية، كونها عهدت بالقرار لحكومة مستقيلة، ولا تجوز مساءلة الحكومة المقبلة عما اتخذته سالفتها، أي باختصار، قفل باب المساءلة عن تصرف الحكومة بمليار ونصف المليار دينار من المال العام، ليتزامن ذلك مع توارد أنباء غير مؤكدة عن نية حكومية لتحويل سوق الأوراق المالية في هذه الظروف إلى ماكينة غسيل ضخمة للمال السياسي، إذ ستضخ الحكومة أموالها في الأسهم بصفة الضرورة، والمستفيدون سيسحبونها من الطرف الآخر، للإنفاق على حملاتهم وتعديل أوضاعهم المالية، بعيداً عن رقابة البرلمان، فهل يستقيم هذا الأمر؟

في عالم السياسة، تتلاقى المصالح وتتقاطع الاتجاهات، ويفوز صاحب الترتيب الأفضل، كلٌّ على هوى ناخبيه وقواعده، فما يجمع اليوم أقل مما يفرق، لكننا في الكويت، نفخر بأننا نتعامل مع حكومة تحدد طبيعة الفائزين قبل بدء الحملة الانتخابية، ومن الآن، باركوا للتكتل «الشعبي» وبقية أعداء ما اصطلح على تسميتهم «الحيتان»، لأن الحكومة من «رداة الحظ» ألقمت حملاتهم بالوقود اللازم لضمان النجاح، وأنعشت قلوبهم بصدمة كهربائية مقدارها «مليار ونص المليار فولت... أقصد دينار».