لماذا أيها المرشد العام ؟!

نشر في 22-05-2008
آخر تحديث 22-05-2008 | 00:00
 صالح القلاب

كان على المرشد العام أن يسأل نفسه، قبل أن ينضم إلى حلف الفجار هذا، لماذا استهدف «حزب الله» بيروت الغربية من دون غيرها؟! وكان عليه أن يعرف أن ما جرى في هذه المنطقة كان استباحة بربرية لحرمات المسلمين وكراماتهم، وأنه لم تكن هناك معركة حقيقية بين مسلحين ومسلحين.

ليس أمراً مفاجئاً أن يمنح «الإخوان المسلمون» وعلى لسان مرشدهم العام مهدي عاكف تأييدهم، وعلى بركة الله، لانتصار «حزب الله» على شوارع بيروت الغربية وإهانة أهلها واستباحة حرماتهم، فهمْ أو بعضهم على الأقل كانوا قد أيدوا صدام حسين في غزوه للكويت، وكان «علماؤهم» قد أصدروا فتاوى بأن ذلك الغزو، المشين والبائس الذي أوصل العراق والمنطقة إلى هذه الأوضاع المأساوية، كان جهاداً ضد العدو الصهيوني والإمبريالية العالمية.

لقد كان مفهوماً ومقبولاً أن يفرح «الإخوان المسلمون» (مصر والأردن على وجه التحديد) بالانتصار الإلهي الذي حققه «حزب الله» في حرب يوليو عام 2006 أما أن يقفوا هذا الموقف الشاذ ويؤيدوا اجتياح بيروت الغربية ويعتبروه نصراً إلهياً جديداً فإن هذا لا يمكن قبوله ولا يمكن تبريره، ويجب أن يواجه من قبل الحركات الإسلامية بالرفض والاستنكار والإدانة.

لم تكن هناك قواعد أميركية ولا أوكار للمخابرات الإسرائيلية في مناطق بيروت الغربية التي غزاها مغاوير «حزب الله» (سرايا المقاومة) يوم الخميس في الثامن من هذا الشهر، وعاثوا فيها فساداً ونهباً واعتداءً على الحرمات والمحرمات حتى يقف المرشد العام للإخوان المسلمين هذا الموقف المعيب الذي وقفه، وحتى تُسَخّر بعض التنظيمات الإخوانية (الأردن) أجهزتها الإعلامية للدفاع عن عمل لا يمكن تبريره، ولا يجوز السكوت عليه خصوصا بالنسبة لحزب يعتبر أنه القيِّمُ على «الأمة» وأخلاقها وتنظيم يرفع شعار: «الإسلام هو الحل»!!

كان على المرشد العام أن يسأل نفسه، قبل أن ينضم إلى هذا الحلف، لماذا استهدف «حزب الله» بيروت الغربية من دون غيرها؟! وكان عليه أن يعرف أن ما جرى في هذه المنطقة كان استباحة بربرية لحرمات المسلمين وكراماتهم، وأنه لم تكن هناك معركة حقيقية بين مسلحين ومسلحين، بل كان هناك عدوان غاشم على أناس عُزَّل، وعلى بيوت آمنة، وعلى عائلات كريمة كانت قد احتضنت ذات يوم قريب هذا الحزب، عندما كان «مقاومة» وكان يقول إن أسلحته التي يخزنها في خاصرة بيروت الجنوبية لن تستخدم إلا ضد العدو الإسرائيلي.

لماذا لم يسأل المرشد العام عما حصل قبل أن يقف هذا الموقف المستغرب الذي وقفه وفتح الطريق من خلاله إلى بعض تنظيمات الإخوان المسلمين (الأردن) لينحازوا إلى الفئة الباغية وليسخروا وسائل إعلامهم وحناجرهم حتى من فوق منابر رسول الله لتبرير ذبح المسلمين والاعتداء على حرماتهم في بيروت الغربية؟!

غير مطلوب وغير جائز أن يجري تحميل المسلمين الشيعة مسؤولية أفعال «حزب الله» المشينة في بيروت الغربية، فهذا حزب سياسي تمكن بالأموال والأسلحة الإيرانية من اختطاف هذه الطائفة الكريمة، وارتكاب كل هذه الأفعال البشعة باسمها... إن هذا الحزب نفسه كان قد دخل حرباً لنحو ثلاثة أعوام بدعم إيراني ضد حركة «أمل» لأنها رفضت الإخلال بالمعادلة التي تقوم عليها الدولة اللبنانية، وهي معادلة تعددية طائفية معروفة لا يمكن للبنان أن يبقى كياناً ودولة من دونها.

إن تأييد المرشد العام لأفعال «حزب الله» الشائنة في بيروت الغربية هو تأييد لإيران ومباركة لما قامت وما تقوم به في العراق ولبنان واليمن وفلسطين، والمسألة هنا ليست مسألة طائفية... فالتشيع الحقيقي بدأ عربياً وهو يجب أن يبقى عربياً، وأن الأخطر على هذا التشيع الوجداني الصادق هو أن يستخدم غطاء لممارسات سياسية تستهدف العرب والأمة العربية تسديداًً لثارات تاريخية قديمة يبدو أن التاريخ الإسلامي المشترك لم يلغها، ولم ينتزعها من صدور الذين مازالوا يلطمون صدورهم حزناً على قورش والإمبراطورية الفارسية... فلماذا أيها المرشد العام؟!

* كاتب وسياسي أردني

back to top