Ad

إنني لن أهمس، بل سأصرخ في التحالف الوطني الديمقراطي، بأن وجودكم كشاهد عيان أو متفرج على خراب «مالطا» خير ألف مرة من المشاركة في تدميرها ولو بحسن نية، في زمن النوايا السيئة التي استدرجكم أصحابها إلى حيث يريدون.

بالنظر إلى التركيبة الحكومية الجديدة فإن العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة ستتعرض لهزات كبيرة خلال الفترة «القصيرة» المقبلة، وستكون السيناريوهات السيئة وربما المرعبة، المتعلقة بمستقبل الحياة السياسية حاضرة خلال تلك الفترة.

عند حدوث ذلك التأزيم المتوقع في المستقبل القريب، كان من المفترض حينها أن يصدر بيان عن التحالف الوطني الديمقراطي يؤكد فيه أنه حذر عند تشكيل الحكومة من أنها حكومة محاصصة وترضيات، لذلك لم يشارك فيها، وإن رفضه بأن يكون ممثلا في الحكومة، كان موقفا سجل من خلاله عدم رضاه عن الآلية والطريقة التي تم بموجبها اختيار الوزراء، وليضع الجميع أمام مسؤولياتهم السياسية والوطنية.

مثل هذا السيناريو بات مستحيلا كون التحالف الوطني اشترك، عبر الزميلة الدكتورة موضي الحمود في الحكومة، وهي الخطوة التي أسجل تحفظي عليها منذ الآن، لا إقلالا من إمكانات وقدرات الدكتورة الحمود، ولا شكا في نوايا التحالف، ولكنه تحفظ مبني على نهج حكومي لم ولن يتغير، وعلى معطيات سياسية وقراءات شخصية لواقع الحال التي وصلنا إليها.

في الوقت الذي بُحّت فيه أصواتنا، وجفّت فيه أقلامنا ونحن نطالب بحكومة إنقاذ وطني تنتشل البلد من وضعه السياسي والتنموي المأساوي، من خلال اختيار الوزراء وفق مبدأ الكفاءة والقدرة على الإنجاز، خرجت علينا تركيبة وزارية أشبه ما تكون بعملية توزيع «غنائم»، راعت القبيلة والطائفة والفئة والعلاقات الشخصية، أكثر من مراعاتها للمصلحة الوطنية وخطورة المرحلة واستحقاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية كذلك.

في المقابل وبالنظر إلى إيمان القوى السياسية بالديمقراطية وتعاطيها معها، فإنني شخصيا أقبل أن ينتقد السلف الحكومة الجديدة وهم شركاء فيها، ولا أستغرب أن تتذمر «حدس» من التركيبة الوزارية وسفيرهم العليم موجود، لكن الذي لم أكن أتمناه، هو أن يكون التحالف الوطني وهو الغطاء الذي يستظل تحته أغلب المنتمين إلى التيار المدني، مشاركا في هذه الحكومة المتناقضة في كل شيء، وهو ما سيلغي هامش المناورة لديه ويجعله تحت ضغط سياسي ونفسي، مما ينعكس على أدائه ومواقفه داخل قاعة عبدالله السالم، بعد أن فقد ميزة التحرر من العبء الحكومي.

لست متشائما في الغالب، ولا أنظر إلى الأمور بسوداوية، ولكن دققوا في الأسماء والمناصب جيداً، واستحضروا بعض التطورات والأحداث التي جرت داخليا خلال الأشهر الماضية، واقرؤوا المستقبل بعين الحاذق، ستجدوا الوضع خطيرا وخطيرا جدا، وربما أنه سيناريو مرسوم ومعد له جيدا، لذلك فإنني لن أهمس، بل سأصرخ في التحالف الوطني الديمقراطي، بأن وجودكم كشاهد عيان أو متفرج على خراب «مالطا» خير ألف مرة من المشاركة في تدميرها ولو بحسن نية، في زمن النوايا السيئة التي استدرجكم أصحابها إلى حيث يريدون... أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت قبل فوات الأوان!!