قيمة الإنسان وحقوقه الأساسية يأتيان «باكيج» كامل لا يتجزأ يا سادة، ولا يقفان عند جنس أو دين أو عرق أو انتماء سياسي، فمن يدين إسرائيل لوحشيتها عليه أن يدين أي نظام آخر لديه ممارسات غير إنسانية وغير ديمقراطية، فالإنسان في فلسطين لا يزيد أو يقل قيمةً عن الإنسان في فنزويلا ودارفور وإيران وغيرها.

Ad

أردت الكتابة قبل أسابيع قليلة عن التطبيل الذي مارسه عدد من النواب للرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، وقيام النواب عدنان عبدالصمد وناصر الصانع وأحمد لاري وعبدالعزيز الشايجي بزيارة السفارة الفنزويلية في الكويت لشكره وتكريمه على موقفه من إسرائيل، ثم عدلت عن الفكرة لتقادمها مع زحمة الأفكار خلال الشهر الماضي. ولكن ها هي الفكرة تعود مجدداً بعد أن شاهدت في «يوتيوب» حفلة الغناء والرقص التي شارك فيها الصانع ولاري وغيرهما احتفالاً بـ«النصر» الزائف لـ«حماس» الذي دفع ثمنه أطفال فلسطين الأبرياء.

التطبيل لهوغو شافيز يبين مدى تجذر الانتهازية وازدواجية المبادئ والمواقف في جينات كثير من رموز التيار الديني، فما إن وجدوا أحداً يتبنى موقفهم حتى هرولوا لاحتضانه وغضّوا أبصارهم عن مساوئه. في ما يلي مقتطفات من تقرير بـ230 صفحة أصدرته منظمة «هيومن رايتس ووتش» العريقة المتخصصة بقضايا حقوق الإنسان في سبتمبر 2008 عن ممارسات شافيز في فنزويلا منذ توليه الرئاسة قبل عشر سنوات: «إضعاف المؤسسات الديمقراطية وضمانات حقوق الإنسان لمواجهة الخصوم السياسين، استغلال محاولة الانقلاب عليه في 2002 لتبرير سياسات أضعفت الديمقراطية، التمييز بين المواطنين على أساس الانتماء السياسي، خرق مبدأ فصل السلطات والهيمنة السياسية على المحكمة الدستورية، تغليظ العقوبات والرقابة على الصحف واحتكار موجات البث لابتزاز القنوات المعارضة، التضييق على النقابات ومنع العمال من التنظيم وتسريح من يشارك في الإضرابات والتمييز بينهم على أساس الرأي السياسي، محاكمات تعسفية ضد الناشطين في مجال الحقوق وترويج ادعاءات مغرضة ضدهم لتشويه عملهم وإقصائهم وعزلهم عن المجتمع الدولي، هذا بالإضافة إلى شبهات الفساد والتزوير التي تثيرها المعارضة».

المحصلة هي نظام فاشي شيوعي شمولي مارق وغارق في الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، هذا ما يطبل له عبدالصمد والصانع ولاري والشايجي باسم الحق والإنسانية، فغوغائيته الاستهلاكية تجاه إسرائيل بنظرهم تشفع له كل ما سبق.

قيمة الإنسان وحقوقه الأساسية يأتيان «باكيج» كامل لا يتجزأ يا سادة، ولا يقفان عند جنس أو دين أو عرق أو انتماء سياسي، فمن يدين إسرائيل لوحشيتها عليه أن يدين أي نظام آخر لديه ممارسات غير إنسانية وغير ديمقراطية، فالإنسان في فلسطين لا يزيد أو يقل قيمةً عن الإنسان في فنزويلا ودارفور وإيران وغيرها.

Dessert

فليجرب الصانع ولاري ومن معهما الغناء والرقص أمام أعين أم تلك الطفلة الفلسطينية التي تصدرت صورتها الصحف، وهي مدفونة حتى عنقها في أنقاض مدرستها، حتى نعرف ما إذا كانت الأم ستعتبر ما حدث «نصراً» يبرر ابتساماتهم «من الشق لي الشق».