Ad

في ذكرى رحيلك الثامنة، التي ستصادف السبت المقبل، نمْ سيدي قرير العين، فقد خلَفك جيل من المقاتلين الأشداء، الذين سيكملون بناء هذا الوطن، رغم ما يحيط بهم من إحباط، واضعين مسيرتك، وبقية الشرفاء مثلك نصب أعينهم، فمثلك يندُر تكراره في هذا الزمن المؤلم.

سيدي،

تطل علينا هذه الأيام ذكرى رحيلك، بعد أن غادرتنا مخلفاً وراءك ابتسامة متفائلة، وروحا شفافة، وآراء ثاقبة، ومئات العيون الباكية والقلوب المكسورة من جراء غيابك.

كان غيابك في ذلك اليوم أليماً حد الكدم، وبقدر ما فجّر رحيلك حزناً أسود في نفوس محبيك، كان حضورك بينهم منذ ذلك اليوم، الأكثر بهاء وروعة، فالطيّبون دائما ما يذكرهم البسطاء بصمت، بعد أن يخلفوا في ثنايا الروح جرحا غائرا، لا يقوى الزمن على دمله.

أتذكر تحلقنا حولك، كما يلف الأطفال معلمهم الأثير، متأملين حال هذا الوطن، فشاركناك حمل قضيتك الأولى، متفتّحين على أن أسمى عاطفة تلك التي تربط الإنسان بوطنه، وقاسمناك قلقك على الكويت، التي كان همك يبدأ وينتهي عندها.

أكتب إليك اليوم، مستذكراً سجاياك الطيبة، ومشتاقاً إليك، وإلى زمن جميل كنت أحد فرسانه، وإلى وطن كان بك، وبقية الرجال الشرفاء، علامة مميزة في هذا العالم، وعنوانا بارزا ومقصدا لكل ذي قيمة.

بلادي بعد رحيلك لم تعد كما كانت، وكأنك العلامة الفاصلة بين نهايات ألق هذه الدولة، وبدايات انهيارها، وعليه أصبح غيابك غصة تؤلمنا من إشراقة كل صباح، وسط هذا التردي اليومي الذي نعيشه.

سامي المنيس،

عزاؤنا الوحيد في غيابك سيدي، أن مقعدك النيابي عاد إليك، روحا لا جسدا، ولمنبرك الديمقراطي، ولبقية جيل الشباب الذي أحسنت تربيته على حب الكويت، ولا شيء غيرها.

وتأكد أبا أحمد، أننا سنبقى في ذكرك، رغما عن سُلطة لم تنصفك منذ رحيلك، ويكفيك فخراً أن قلوباً نظيفة ستظل تستذكرك، كلما اشتد حزنها في هذه البلاد، التي أحببتها، فبادلك أهلها حبا يفوق حبك لهم، لا لشيء سوى أنك كنت إنسانا محترما، عاش حياته مدافعا عنهم، أخلص لخلق وطن جدير بالنضال لأجله.

واعلم أن قدر الكبار أن تصبح أسماؤهم عنوانا لمحطات مهمة في تاريخ أوطانهم، كونهم يختزلون في أنفسهم سنوات مريرة من النضال لأجل ضمان الحياة الكريمة لغيرهم، وأنت لا تقلّ عنهم في شيء، إذ أفنيت حياتك مقاتلا شرسا في سبيل تدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، فكان قدرنا أن تكون أنت الاختزال الصعب، وقدرك أن تكون الغائب الأهم عن الكويت، والقامة التي يجب أن يقف أمامها كل مَن يريد السير على هذا الدرب.

في ذكرى رحيلك الثامنة، التي ستصادف السبت المقبل، نمْ سيدي قرير العين، فقد خلفك جيل من المقاتلين الأشداء، الذين سيكملون بناء هذا الوطن، رغم ما يحيط بهم من إحباط، واضعين مسيرتك، وبقية الشرفاء مثلك نصب أعينهم، فمثلك يندر تكراره في هذا الزمن المؤلم، وغيابه الهادئ مساء ذاك اليوم الحزين، سيبقى الأكثر حضورا وسط هذا الصخب الذي نعيشه منذ رحلت.