بدأ كبيراً ووصل إلى مرحلة الرضى عن النفس عبد الرحمن العقل: إذا غاب الإخلاص عن الفنّ... ماذا ننتظر؟
يحرص الفنان عبد الرحمن العقل على تقديم أعمال تحمل رسالة جيدة وهادفة. أحببنا مسرحياته الكوميدية منذ طفولتنا، وعندما غنى «بلادنا حلوة» غنينا معه. كتب أولى أعماله الدرامية بنفسه ونال عنها جائزتي التأليف والتمثيل وله سجل حافل من المسرحيات والمسلسلات. بدأ مشواره الفني منذ أربعين عاماً بطلاً في مسرحية «نعجة في المحكمة». ولأن البداية كانت قوية، كان لزاماً عليه أن يحافظ على مستواه ويظل نجماً كما بدأ.قدم العقل ما يزيد على مئة عمل مسرحي، منها عشرون مع «مسرح الخليج» وأخرى على خشبة المسرح التجاري، بالإضافة إلى مسرح الطفل، وأشهر مسرحياته فيه «السندباد البحري»، «لولاكي»، «الكرة المدورة»، «ايه بي سي»، «العب الطوشة»، «علي بابا»، «صباح الخير يا كويت»، «الحكومة ابخص»، وقدم أخيراً مسرحية الرعب الكوميدية «أشباح ام علي».
يتذكر العقل تلك الأيام الجميلة قائلاً: «كانت الفرق المسرحية الأربع تنتمي إلى مؤسسات حكومية، وتميزت بالإلتزام وبالأعمال الجيدة والمنتظمة. لم يكن الربح يعنينا بقدر مسؤوليتنا في تقديم عمل جيد. اليوم، اختلف الوضع ولم يعد لهذه الفرق أي نشاط إلا نادراً وفي المهرجانات فحسب»، مشيرا الى ان «التلفزيون الحكومي كان يتكفل وحده بالإنتاج، ولم تكن ثمة قنوات خاصة، فكان يستعين بالنجوم ويقدم أعمالاً عظيمة. أما الإنتاج الخاص فهو مشكلة كبيرة، إذ يقتصر على مجموعة من الفنانين الكبار، وتدخلت فيه المحسوبية والوساطة».عناصر جيِّدةتنعكس العناصر الجيدة في العمل الدرامي، في رأي العقل، على نجاحه وتميزه: «نحتاج إلى التجديد في المواضيع المطروحة».حصل على أجره الأول عن دوريه في مسرحيتي «نعجة في المحكمة» و «4ـ1ـ4ـ بوم»، ولم يتعدَّ ال150 ديناراً كويتياً، ولأن الشيء بالشيء يذكر يقول: «تكمن المشكلة راهناً في أن الفنان يفكر بمنطق المنتج في ما يخص المادة، وما يهمه في العمل هو حجم دوره، وما سينال في المقابل».مثّـــل الكويت في المحافل الدولية، المهرجانات، وشارك في أعمال عربية في ليبيا، مصر ، تونس، الجزائر، سورية، وظهر مع نجوم الفن العربي من بينهم نور الشريف، هدى سلطان، من أعماله: «أيوب»، «البطل»، «الإبريق المكسور»، «زارع الشر»، «الفرسان الثلاثة»، صور أخيراً «عيال بوسالم»، ويستعد لتقديم أعمال أخرى في رمضان المقبل.إختـلاف اختلفت الأحوال كثيراً في الساحة الفنية، يلاحظ العقل، انعدم الإخلاص لدى بعض الفنانين والعاملين في الوسط الفني، باتت المادة شغل هؤلاء الشاغل، يقول :» من المفروض ألا يسأل الفنان عن المقابل قبل أن يسأل عن الفنانين المشاركين، نوعية الدور، نوعية العمل الذي سيشارك فيه، والى أي مدى سيقدم فكرة أو رسالة للجمهور. المفروض أن يسأل عن المخرج الذي سيتعامل معه وكيف سيدرس النص الذي سيقدمه، وكيف سيتقمص الشخصية». يؤكد ضرورة العودة إلى بروفات الطاولة، كما كان يفعل كبار الفنانين لينسجم فريق العمل ويقدم عملاً جيداً.يعتبر العقل الأعمال العربية المشتركة فكرة جيدة، «شرط أن يوضع كل فنان في مكانه الصحيح، والا ينسى هويته، وأن يتعامل مع الفن كفن، لا أن يشارك لمجرد الحضور، وعليه أن يحترم عقلية المشاهد ويقدم اللهجة المطلوبة منه بشكل سليم، كما فعل جمال سليمان». لفت في هذا المجال إلى أنه أتقن لهجة كل بلد عربي مثَّل فيه، فكان لأعماله صدى جيداً. ديمقراطيَّة لم يفكر العقل مطلقاً في ترشيح نفسه إلى مجلس الأمة، لأنه أمر لا يحبه، مع أنه ليس بعيدا عن السياسة التي يتابعها عن كثب، ويهتم بها اهتماما كبيرا، لكنه يرى أن الأمور تأخذ أكثر من حجمها، وأصبح النواب، بالتالي الشارع الكويتي، يستغلون الديمقراطية التي أتيحت لهم في حل المجلس في أي وقت، «بل الأغرب من ذلك أننا ننشر «غسيلنا» خارج الكويت عن طريق الصحافة الكويتية التي تقرأ في دول كثيرة. نحن محسودون على ديمقراطيتنا وشعبنا محسود لأنه يملك خيراً وحرية. لكن الحمد لله لدينا تكنولوجيا، انعدمت الأمية من بلدنا الحبيب، وهو شيء نفتخر به جميعا. أما مجلس الأمة فلن أفكر فيه، لان اهتمامي بالفن والأسرة والأولاد يستغرق وقتي كله». زيادة الرواتبعن زيادة الرواتب يقول العقل: «لا نريد زيادة في الرواتب، إنما استقراراً وأماناً، نريد أن تعمل الحكومة لصالح هذا الشعب الطيب، لا أن تتناطح مع النواب أو العكس، بهذه الطريقة لن نتقدم ، على الرغم من أننا نملك مقومات التقدم ونملك، ولا فخر، أفضل تخطيط عمراني وأفضل نظام للطرق ولدينا جامعات ومدارس جيدة، لكن مشاكلنا الداخلية تحبطنا».تجارب الإنتاج خاض العقل تجارب كثيرة في الإنتاج لنفسه... ما نظرته الى الأعمال الدرامية؟ هل يبحث مثل باقي المنتجين عن الربح؟ يجيب العقل: «تجربة الإنتاج متعبة، ليتها تقف على صرف الأموال فحسب، لكن الأمر يتطلب متابعة لكل الأمور الصغيرة قبل الكبيرة، وأصبح الفنانون الآن اكثر طلبا للمادة، وبت أسمع من يقول أنني لا اعطي الناس حقوقهم، لكن ماذا سأقول، الله أعلم بحقائق الأمور. اكتسبت خبرة كبيرة من خلال التعامل والاحتكاك والتجربة وعرفت ما هي مشاكل المنتجين، وكيف ينجح المنتج ويظل محبوباً من الناس والفنانين».رمضانيعيش العقل حياة مختلفة عن غيرها في رمضان، يقضي العشر الأوائل مع أسرته ويزور أهله ويتناول إفطاره خارج منزله عند الأقارب والأصدقاء، بعد ذلك تأتي «بروفات» المسرح التي ترهقه تماما، فينتظر العشر الأواخر من الشهر الفضيل ليقضي ليله في المسجد لصلاة القيام التي يرتاح في ادائها كثيرا. يحب الطعام ويهوى السمك على أنواعه ويعشق البحر. كشف أنه تلقى عرضين للمشاركة في عملين لن يشرع في تصويرهما إلا بعد رمضان، وآخر لمسرحية كوميدية مع الفنان طارق العلي، ستكون انطلاقتها مع عيد الفطر المبارك.العثرةيتذكر العقل أنه كان على المسرح حين جاءه خبر نقل والدته المريضة إلى المستشفى، فانتظر انتهاء العرض الاول، وذهب اليها لكنها كانت انتقلت إلى الرفيق الأعلى، كان عليه أن يعود في الوقت نفسه إلى المسرح لاستكمال العروض وكانت في احد الاعياد. يقول عن تلك التجربة: «لا أنسى انني كنت أقدم المواقف الكوميدية فيضحك الناس بينما أحترق في الداخل حزناً ومرارة لفراق الوالدة. لكن هذا هو الفن، يكمن نجاح الفنان في مقدرته على الإقناع وتقمص الشخصيات من دون الالتفات إلى حالته المعنوية. في أحد العروض التالية صعد صديق لي، كان حاضراً بين الجمهور، على خشبة المسرح وأوقف العرض وأعلن أمام الجمهور: يتابع العقل عروضه من اجلكم على الرغم من أن والدته فارقته منذ ايام، فصعد الجمهور إلى الخشبة وقدم واجب العزاء لي».من المطبات التي قابلت العقل في مشواره ولا ينساها انه ذات مرة وهو على المسرح، تلقى اتصالا أفاده أن حادثا أليما وقع لزوجته وولده، فانتبه لنفسه وتابع العروض، بعد الإنتهاء اتصل بمنزله للتأكد من الخبر، فردت عليه زوجته وطمأنته عليها وعلى ولده، وكان الخبر «كذبة ابريل».من العثرات ايضا، النميمة والحسد، لم يكن يصدق بوجودهما إلا بعدما ذاق مرارتهما بنفسه، مرت عليه فترة تردَّد هو وأسرته يوميا على المستوصفات والمستشفيات، كذلك قال عنه بعض الذين لا يعرفوه جيدا انه بخيل ولا يعطي الناس حقوقهم. انطلاقته الفنيَّةبدأ الفنان عبد الرحمن العقل حياته الفنية منذ حوالى 40 عاما عندما كتب نصاً مسرحياً بعنوان» بدوي على ظهر القمر»، شارك عبره في مسابقات الأندية الصيفية أمام لجنة مؤلفة من عمالقة الفن الكويتي، من بينهم الفنان القدير عبد الحسين عبد الرضا، الفنان الراحل عبد العزيز النمش، الأديب والفنان عبد العزيز السريع. تدور الفكرة حول مجموعة من البدو يتناقشون في ما بينهم عن كيفية ارتياد الفضاء والصعود إلى القمر، وهو ما استبعدوه تماما، إلا أن أحدهم حلم بأنه استقلّ مركبة فضائية بصحبة صديقه وصعد إلى القمر، ولما استيقظ روى حلمه إلى المحيطين به وكأنهم صعدوا إليه فعلا. استهوت الفكرة المرحوم صقر الرشود ونالت المسرحية جوائز اللجنة آنذاك منها أفضل نص، أفضل ممثل، أفضل إخراج. في ذلك الوقت كان مسرح الخليج يبحث عن ممثل ليؤدي دور بدوي، فتقدم العقل إلا أنه فوجئ بحضور مجموعة من كبار الفنانين الذين لم يكن يعرفهم آنذاك من بينهم محمد السريع، منصور المنصور، مبارك السويد، عبد الرحمن الصالح مؤلف فيلم «بس يا بحر»، مريم الصالح، فكان بالنسبة إليهم طفلاً صغيراً ولم يكن يراهم إلا على شاشة التلفزيون، وحدث ما لم يكن يتوقعه العقل واختاروه ليمثل في أول عمل مسرحي مع هؤلاء «الكبار» بعنوان «نعجة في المحكمة»، إخراج صقر الرشود مع صالح حمدان وعبد العزيز السريع، وهو نص عالمي ترجمه وأعده للمسرح سليمان الخليفي، وكان أول عمل احترافي له، ثم قدم أول عمل للتلفزيون مع الفنان القدير علي المفيدي بعنوان «مسمار جحا»، ولا ينكر العقل فضل الفنان الراحل صقر الرشود في مساعدته والأخذ بيده.من أعمالهمن أعماله المسرحية: نعجة في المحكمة، بدوي على ظهر القمر، ضاع الديك، الإحتراف، ياغافلين، بوحمدون، المحطة متاعب، صيف الواوي، عزل، السوق، بالمشمش، طماشة، الحلاق، البمبرة، فرحة أمة، الكرة مدورة، لولاكي، شيكات بدون رصيد، لولاكي 2، عبيد في التجنيد، ولعها شعللها، إنتخبوا أم علي، صباح الخير يا كويت، بشت المدير، لعيونك، الحكومة أبخص، جنون البشر، بومتيح، سوق شرق، يا أنا يا البنات، الرجل الذئب، جمعان والمريكان، عائلة قرقيعان، زوجة سعادة الوزيرة، أشباح أم علي، فشار، سندباد البحري، إيه بي سي، ون تو، اللعب طوشة، علي بابا، فور ون فور، فور ون فور بومب.أما المسلسلات فهي: «مسمار جحا، إلى أبي وأمي مع التحية، الغرباء، خالتي قماشة، إليكم مع التحية، أحلام صغيرة، بدر الزمان، أبوالفلوس، مدينة الرياح، العائلة، الملقوفة، قاصد خير، عبدالله البري وعبدالله البحري، حكايات من التراث الشعبي، الطير والعاصفة، دلق سهيل، زارع الشر، دلق سهيل 2، الناس أجناس، عودة السندباد، الصحيح ما يطيح، طير الخير، الموذي، زمن الرجال، الإختيار، السرايات، تحت الصفر، أضحك ولا أبكي، ديوان السبيل، قلوب مهمشة، الغضب، وتبقى الجذور، لعبة الكبار، أنا حر، لا للجروح، حياتي، الأرجوحة، الشقردي، من طق طبلة، عليك سعيد ومبارك، جني وعطبة، الدكتورة، إن فات الفوت، الإختيار الصعب، واقعي، تاكسي تحت الطلب، قتالة الشجعان، وحيد والمخبرين، الوزيرة، عيال بوسالم، أيوب، بلا هوية، البيت المائل».ظلموه فقالواالإشاعات التي طالت العقل كثيرة وبات يعتبرها كـ«الاسطوانة المشروخة» التي نسمعها عادة من أناس محتالين، يريدون الوصول إلى أهدافهم. يقول في هذا الصدد: «تتمحور غالبيتها حول حياتي الزوجية. من الغريب أن مطلقيها زوجوني مرات حتى أصبحت لا أعرف كم مرة تزوجت حتى الآن وكم طفلا لدي، ليس الزواج فحسب، فهم كما يزوجونني يطلقونني أيضا».