لم تعد ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها مجرد ممارسة للهوايات، وإنما أصبحت محورا مهما في الصحة، يؤكد ذلك الأطباء، اضافة إلى ما تخلقه من تنمية للروح الداخلية وتخلق بيئة من التواصل والترابط بين ممارسي اللعبة الرياضية الواحدة ومنذ أمد بعيد من التاريخ كان كثير من الرياضات محل نقاش وجدل سواء في نوع اللعبة أو في الفئة التي تمارسها، فحُرِّم ما حرم وحُلِّل ما حلل من قِبل البعض على مختلف الديانات باختلاف التوجهات والصراعات، إلا أن ذلك الجدل والخلاف في ذلك من فئة إلى أخرى يمكن ان نصفه بحال التعاقب ما بين الشمس والقمر من دون محاولة للالتقاء، ولعل الرياضة النسائية او ما اصطُلح على تسميتها بذلك هي القضية المهيمنة على الشأن السياسي لمحور الرياضة الكويتية وهي مرصودة في أعين التيار الديني بمواجهة صراعه مع التيار الليبرالي كنقطة يحاول ان يتقدم بها الأخير في حين يتربص به الأول، معتبرا إياها من المحرمات التي يجب منحها الأولوية في المواجهة، ويعتبر كل معسكر اي نقطة يحققها في هذا الاتجاه لمصلحته خصوصا أن لذلك منطلقات شعبية لاتساع القاعدة الرياضية.

Ad

الرياضة النسائية او بالأحرى ممارسة النساء للرياضة انسلخت من عقدة العادات والتقاليد منذ زمن، فبعدما كان يعتذر البعض عن عدم ممارسة بناته الرياضة في حصص التربية البدنية وما واجهته المسابقات الرياضية المدرسية من هجوم ومقاطعة انتهاءً بضعف الاقبال على التسجيل في مجال التدريس لمدرسات التربية البدنية من خلال الكليات والمعاهد التطبيقية إذ زاد الاقبال الآن مقارنة مع ذلك الزمن وأصبح الكثير يدفع بالوساطات من اجل قبول ابنته في مجال تدريس التربية البدنية، وأصبح الطلب اكثر من العرض، مما يكشف عن تنامي روح الممارسة الرياضية لدى الاناث، وقبل ما يزيد على عشر سنوات بدأت تنتشر في مدارس معينة في كل محافظة ما سُمِي بالرياضة للجميع، وهو مشروع للممارسة الرياضية مغلق للاناث فقط، باعتبار ان الدولة تعاني نقصا في المؤسسات الرياضية النسائية، وكانت تلك الخطوة اتجاها لكسر الجمود والتردد، وقد لاقت اقبالا كبيرا، وكان في تاريخ الرياضة الكويتية من خلال الاندية الرياضية وقفات بارزة لدور الفتاة الكويتية فكانت عدة مشاركات دولية بارزة لرياضات تصدرت الكويت الريادة فيها وحققت الكثير من الميداليات والكؤوس، وفي اقل المستويات كان للمشاركة اثرها البارز، إلا أن المعضلة البارزة الآن التي تواجهها الرياضة النسائية هي الضغوط السياسية والدينية المتخوفة من مسألة بعض الرياضات وهي المخاوف المرتبطة بنوع الملابس ومسألة المعسكرات الخارجية ومسألة الاختلاط في ممارسة بعض الرياضات أو وجود مسابقات للسباحة وهو ما يرتبط بالملابس أيضا.

ان الرياضة النسائية لا يمكن لها ان تتطور وفق ما نتمناه مالم يتم ابعادها عن الصراع السياسي، باعتبار أن تطويرها ينحصر في الاطار المهني، خصوصا أن المؤسسات الرياضية هي في طبيعتها محافظة، كما أن القائمين عليها يديرون شأنها منذ نشأتها وهم من صميم وقلب المجتمع الكويتي، إلا إذا كان هناك مَن يريد ان يستعين بغير العناصر النسائية الكويتية لرفع اسم الكويت في المحافل الدولية وهي نقطة سلبية ان كانت هي مبتغى البعض، فنحن الآن في أشد الحاجة الى الابتعاد عن اثارة الخلاف على نقطة واحدة في مقابل عشر نقاط يتفق عليها الجميع.

إن الرياضة النسائية تطورت من تلقاء ذاتها وبالعناصر التي تتولاها، ولم تكن للأسف محلا للدعم الرسمي ولم يتم تبنيها بالصورة التي يجب ان يكون عليها الامر، ولذلك ستبقى الرياضة النسائية في مهب الريح، اذا لم تكن محل المساومات والمقايضات، ما لم يكن هناك الدعم المطلوب لها من قبل الحكومة وعلى وجه الخصوص من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح، للأخذ بالمبادرات الرياضية النسائية على محمل الاهتمام والجد، كي لا تنفك العناصر الرياضية في التسرب وحينئذ لن نجد مَن نشارك بهن في البطولات الخارجية، مع الأخذ بعين الاعتبار القيم الاسلامية والاجتماعية التي تحرص عليها ممارسات اللعبة الرياضية أكثر من حرص غيرهن عليها.