Ad

مالي حملت السلم بالعرض وسرت به أصطدم بكل شيء في طريقي، وكأني حامي حمى القانون؟! وعن أي قانون كنت أتحدث أصلاً، ونصف قوانين الدولة مستباحة والحكومة لم تكلف خاطرها عبر عشرات السنين أن تحرك ساكناً، عن أي قانون أتحدث والنصف الآخر من قوانين الدولة يُطبق على ناس من دون ناس؟

لا أدري كيف أقولها... ولكنني يا سادتي، وليسامحني مَن لن يعجبهم الأمر، كنت تائهاً «وما عندي سالفة» في معارضتي للانتخابات الفرعية، وفي كل مقالاتي التي كتبتها احتجاجاً ومعارضة لهذه الانتخابات!

سامحوني يا قومي، فلا أدري ما الذي اعتراني لأندفع بكل ذلك الاندفاع المحموم دفاعاً عن قانون تجريم الانتخابات الفرعية؟! ولا الذي دهاني فسيطر على أفكاري وجعلني لا أبصر إلا شعارات الوطنية ومواد الدستور وحقوق الأقليات بالفرصة السياسية المتساوية، وأن كل الكويتيين سواءٌ بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية والمذهبية والفئوية، وأن الكفاءة هي المعيار وغير ذلك من العبارات. أطلبكم السماح فقد اتضح لي بأنها كلها عبارات وردية حالمة مغموسة في عسل من عالم آخر لا وجود له إلا في مخيلة الغارقين في الأحلام... من أمثالي!

عارضت الانتخابات الفرعية، وصرحت بذلك في كل مكان، وكتبت عنه مراراً، وتحملت من جراء ذلك الكثير من الخسائر الاجتماعية على صعيد علاقتي بأهلي وأبناء عمومتي وجماعتي وأبناء منطقتي من القبليين، ونالني ما نالني في سبيل ذلك من تجريح وتطاول، ومع ذلك أصررت وقلت إن هاجسي الأول هو الوطن ولا شيء سواه، لكنني علمت اليوم كم كنت مخطئا، وكم كنت قاصر النظرة!

مالي والقوم في فرعياتهم؟ مالي حملت السلم بالعرض وسرت به أصطدم بكل شيء في طريقي، وكأني حامي حمى القانون؟! وعن أي قانون كنت أتحدث أصلاً، ونصف قوانين الدولة مستباحة والحكومة لم تكلف خاطرها عبر عشرات السنين أن تحرك ساكناً، عن أي قانون أتحدث والنصف الآخر من قوانين الدولة يُطبق على ناس من دون ناس؟ عن أي قانون أتحدث بالله عليكم أخبروني؟!

وعن أي كفاءات وكوادر قبلية كنت أدافع وأقول إن فرصهم تضيع تحت وطأة عصبية الفرعيات؟ وهم أنفسهم يشيحون بأبصارهم إلى الناحية الأخرى ويلتحفون الصمت، بل ويقبلون بمخرجات الفرعيات ويقفون خلفها ويدعمونها؟!

عن أي حقوق أقليات كنت أتحدث؟! وأغلب أبناء الأقليات في الدوائر التي جرت فيها الفرعيات إما اكتفوا بهز رؤوسهم من دون اهتمام بما يجري، أو تحالف مرشحوهم مع مَن نجحوا من هذه الانتخابات الفرعية ودخلوا معهم في قوائم مشتركة، وأقسم بعضهم بأغلظ الأيمان على التصويت لهم!!

بأي وطن كنت أتغنى، والحكومة تتعامل بكل أريحية وطيب نفس مع مرشحي ونواب الفرعيات، وتقربهم وتتقرب منهم، بل وتجعل منهم وزراء ومستشارين؟

بأي وطن كنت أتغنى، والجرائد «الوطنية» تنشر إعلانات مرشحي الفرعيات في أنصع صفحاتها بمختلف الألوان، وتغطي ندواتهم وأخبارهم وتساهم في تسويقهم لإيصالهم إلى قبة البرلمان، وكل ذلك لأجل حفنة من الدنانير؟!

بأي وطن كنت أتغنى وقوانا السياسية «الشعبية» و«الإسلامية» تنتظر مخرجات الانتخابات الفرعية لتقوم عليها؟!

بأي وطن كنت أتغنى، و«الوطنيون» من أبناء هذا الوطن يفعلون كل ذلك وأكثر؟!

يا سبحان الله... ألم يكن كافياً بالنسبة لي، ما دمت أعارض الانتخابات الفرعية، أن أكتفي بالابتعاد عنها بصمت وهدوء؟ أكان ضرورياً أن أكتب وأقول وأصرح بهذا على رؤوس الأشهاد؟! هل كنت مطالباً بذلك لأحد؟!

فعلاً «ما كان عندي سالفة»... سامحوني يا قومي، واغفروا لي خطئي، وليتفرع مَن يتفرع وليصل إلى البرلمان مَن يصل، ولا عزاء للوطن!!