عام 2008 لم يكن داعما للحريات في الكويت، فقد تمخضت عنه سلسلة من الاجراءات والقرارات والقوانين التي اعتبرها قطاع عريض من العاملين في مجال النفع العام والناشطين السياسيين تعبيرا عن ضيق الحكومة بالحريات.
في عام 2007 جرت العديد من الاضرابات التي قامت بها نقابات العاملين في الأجهزة الحكومية، وكانت في جلها مطلبية وتتمحور في جني مكاسب مادية ومزايا وظيفية، بدءا بإضراب موظفي وزارة التخطيط، ثم مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، وصولا إلى اضرابات موظفي وزارة التربية والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ووزارة العدل والعاملين في المحاكم، ثم مؤسسة الموانئ، ولا ننسى هنا اعتصام رابطة الأدباء الذي جرى من أجل مناهضة الحجر على الابداع والرقابة على الكتب، وان اختلف نوعيا في مطالبه عن الاضرابات المذكورة. وبادرت الحكومة إلى تطويق هذا الوضع باصدار قرار رقم 1113 الذي يمنع الاعتصام أو الاضراب عن العمل إلا بإذن مسبق وموافقة حكومية، ونُشرت أنباء صحافية عن قيام الأجهزة الأمنية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحصر اسماء وعناوين رؤساء واعضاء النقابات لمواجهة أي مخالفة لنص قرار حظر الاضرابات.وتوالت الأحداث في العام الحالي، إذ تم ايقاف برامج حوارية سياسية يبثها تلفزيون الكويت، وذلك في يناير الماضي، ثم اصدار اللائحة التنفيذية لقانون المرئي والمسموع، التي فرضت شروطا وضوابط كثيرة على تراخيص وبث الفضائيات الكويتية بشكل يعيد الذاكرة إلى زمن الرقابة على الصحف بعد حل مجلس الأمة عام 1986 وحتى الغزو العراقي عام 1990.وتلاحقت الأحداث بإعلان وزارة المواصلات في فبراير عن مشروع لمراقبة المواقع الالكترونية والمدونات السياسية، وهو ما تم لاحقا بإعلان النائب العام الحاجة إلى تشريع يردع جرائم الانترنت، والذي نشرته الصحافة في 27 يوليو الماضي، وهو مشروع يحمل ذات المضامين الخاصة بقانون الصحافة والنشر الذي وجهت إليه انتقادات واسعة، لكونه لم يُلغِ عقوبة الحبس للصحافيين، وغلّظ الغرامات المالية على دور النشر بشكل مشدد، إلى جانب العبارات المطاطية الكثيرة التي احتوى عليها، وقبل هذا الحدث كانت الصحافة قد تداولت أمر وثيقة حكومية حملت توجهات معادية للحريات العامة، ودعت -من بين ما دعت إليه- إلى تشديد الرقابة على الصحف في عملية الالتزام بما هو محظور نشره، إلى جانب الرغبة في الحد من تسهيل اصدار مزيد من التراخيص ونشرت في يونيو الماضي.وكان آخر القرارات والقوانين ما يخص جمعيات النفع العام، الذي لا يزال الموضوع الأكثر سخونة على الساحة السياسية، فقد صدر قرار عن مجلس الوزراء يحمل رقم 666 يطالب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بمنع اي مخاطبات رسمية لجمعيات النفع العام، إلا من خلال الوزارة وبما يضمن إطلاعها على جميع المراسلات التي تصدر عن هذه الجمعيات! كما تم تسريب مشروع قانون يقلص حرية جمعيات النفع العام بشكل أكبر مما يوفره القانون الحالي من قيود وشروط للعمل، ومن بين أفكار المقترح الجديد تعيين بعض أعضاء مجالس إدارات الجمعيات! هذه الأحداث المتلاحقة لا يمكن مناقشتها إلا في سياق الصراع غير المتوازن بين الحكومة ومجلس الأمة والذي ينعكس بدوره على الساحات الشعبية وأنشطتها الاجتماعية والسياسية التطوعية.وتثير هذه التطورات أيضا أسئلة كثيرة بشأن النوايا المعقودة من قبل الحكومة للسير في طريق تقييد العمل الصحافي والنفعي العام. وإذا كان مثل هذا النهج مبررا في غياب مجلس الأمة في سنوات مضت واستغلال فترات الحل في إصدار قوانين مناهضة للديمقراطية والحريات فإن العسير على الفهم هو في صدور سلسلة من القوانين والقرارات في ظل وجود مجلس تشريعي!!، وما لا يمكن فهمه هو تعارض مثل هذه التوجهات الحكومية مع رفع شعار «الحكومة الاصلاحية».
قضايا
الحريات العامة... تختنق 2007 كان عاماً للإضرابات... واجهتها الحكومة بقرار رقم 1113
29-08-2008