يضمّ رسوماته بين عامي 1985- 1987 ناجي العلي... أحوال الفقراء والمهزومين بريشة فنان
يضم كتاب «ناجي العلي»، الصادر حديثاً، مجموعة مختارة من رسوم رسام الكاريكاتور الفلسطيني المشهور، رسمها بين 1985 و1987، تعكس تجسيداً حقيقياً لأحوال الفقراء والمهزومين من أبناء الشعب الفلسطيني وتتوزع على 13 فصلاً: «مش ممكن أنسى فلسطين، «هدايا الأبوات»، «جواز سفر دبلوماشي»، «إخوات الشليته»، «ادفنوه حي»، «وكلّوا القرد»، «أنا أحب الفلافل»، «مصالح أميركية ممنوع التدخين»، «دي ويلات»، «لا تورّطنا»، «فشروا...»، «وراكعين لأمريكا»، «رسم شجرة».
سكب ناجي العلي أفكاره على سطح لوحته بسلاسة منقطعة النظير، متسلحاً بثقافة غزيرة، فقدم رسوماً تنتقد الأوضاع التي يعيشها أفراد الشعب الفلسطيني أينما وجدوا من خلال خطاب فني مقتضب وفكرة ساخرة تستشرف المستقبل وتنبع من الواقع المعاش مستلهمة تفاصيلها من الماضي الأليم. تتميز الرسوم بنظرة ثاقبة ورؤية صحيحة، إذ تعبّر عن الشأن الفلسطيني الراهن، على الرغم من مرور أكثر من 20 عاماً على وفاته، وتتضح غزارة أفكاره من خلال الاطلاع على الكم الكبير الذي رسمه عبر مشواره مع فن الكاريكاتور، فلم تنضب يوماً ولم يشعر بالعجز عن تنفيذ مشروع لوحة بغض النظر عن جرأتها أو عدم توافقها مع المقاييس الرقابية، غير آبه بالاعتراضات والتهديدات التي كان يتلقاها، بل كان يصرّ على قناعاته. لم يجرفه أي تيار أو فكر، إنما أعلن التزامه المزاج «الوطني» وانحيازه إليه، وسبح في أفقه عبر أعمال آسرة مزجت بين الصورة والكلمة. أعمال لم تنشرأكد خالد ناجي العلي (نجل الفنان الراحل) أن الكتاب يتضمن أعمال والده الأخيرة وإبداعاته التي كان يحملها معه أثناء توجّهه إلى عمله يوم اغتياله في 22 يوليو (تموز) عام 1987، بالإضافة إلى رسوم أخرى أنجزها خلال إقامته في لندن من 1985 إلى 1987، آملاً أن يكون هذا الإصدار باكورة سلسلة، ستصدر تباعاً وستضم مختارات من أعماله كاملة. كذلك أشار إلى أن معظم الرسوم نُشر في صحيفتي «القبس» و»القبس الدولي»، وأوضح أن تلك غير المذيّلة بتاريخ التي يضمّها الكتاب تُنشر للمرة الأولى.المُنقذفي تقديمه للكتاب، وصف الأديب والناقد الفلسطيني محمد الأسعد فن ناجي العلي بأنه «المنقذ من المصائد والخدع وأساليب الغش البليغة التي يمارسها البعض»، مشيراً إلى أن «الناس بدأوا يتحررون من أسرهم ويعودون إلى أنفسهم ويفكرون بوجودهم بسبب رسوم ناجي العلي التي تثير غيظ السحرة والمشعوذين». قال عنه إنه «كان متمرداً فأوجد خصوصية لعالمه وفنه على عكس ما قام عليه التراث الكاريكاتوري العربي، منح شخصيات رسومه هوية إنسانية من عالمنا ذاته، من حدوده وعذاباته وألوانه».سيرةولد الفنان ناجي سليم حسين العلي عام 1936 في قرية الشجرة الواقعة بين مدينتي الناصرة وطريا في الجليل الشمالي الشرقي في فلسطين. درس أربعة أعوام في مدرسة القرية قبل النكبة عام 1948، ثم لجأ مع عائلته إلى لبنان واستقر في مخيم عين الحلوة بالقرب من مدينة صيدا الجنوبية. بدأت ميوله الفنية تبرز منذ بواكير حياته من خلال تأليف المسرحيات القصيرة والتمثيل فيها وعرضها مع زملائه في المخيم وفي بعض النوادي. التحق بالأكاديمية اللبنانية للفنون عام 1960، إلا أن الملاحقات والاعتقالات المتكررة عطلت دراسته.التقى الكاتب غسان كنفاني عام 1961 فنشر له هذا الأخير أربعة رسوم في مجلة «الحرية» مرفقة بمقال صحافي. انخرط في مهنة التعليم ودرّس مادة الرسم في الكلية الجعفرية في مدينة صور اللبنانية الجنوبية من 1961 إلى 1963 ثم سافر إلى الكويت للعمل في مجلة «الطليعة». ابتكر العلي ابنه «حنظلة» عام 1969 وأصبح المعبّر عنه ورمز توقيعه. معارض وجوائزأقام معرضه الفني الأول في الكويت عام 1985 بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بعد ذلك شارك في معارض فنية متنوّعة في البلدان العربية والأجنبية.اختارته صحيفة «أساهي» اليابانية كواحد من بين أشهر عشرة رسامي كاريكاتور في العالم، ومنحه الاتحاد الدولي لناشري الصحف جائزة «قلم الحرية الذهبي» بعد وفاته، وهو يعتبر أول عربي يحصل عليها.فاز بالجائزة الأولى عن لوحة «باص التسوية» في المعرض الأول للكاريكاتور بين العرب عام 1979، كذلك فازت لوحته «المرايا الثلاث» بالجائزة الأولى في المعرض الثاني للكاريكاتور بين العرب عام 1980.مناصب و إصداراتتنقل ناجي العلي بين الكويت ولبنان والسعودية ولندن وعمل في مجلات وصحف عدة، منها: «الكويت»، «السياسة»، «الوطن»، «القبس»، «السفير»، «الحرية»، «اليوم»، كذلك نشر رسومه في: صحيفة «الخليج» ومجلة «الأزمنة العربية» الإماراتيتين، «القبس الدولي» ومطبوعات أخرى. انتخب عضواً في الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الصحافيين الفلسطينيين عام 1979، إلا أنه ما لبث أن استقال. أصدر ثلاثة كتب احتوت على مجموعة رسومه المنتقاه في الأعوام 1976، 1983، 1985.شغل منصب الأمين العام لرابطة الكاريكاتوريين العرب منذ عام 1979.