اتفقت هيلاري كلينتون مع محمد هايف المطيري بشأن خطورة بعض ألعاب الفيديو على الأطفال، ولكن لنرى الفرق بين الثقافة الديمقراطية في حماية المجتمع والثقافة القمعية المتسلطة، السيدة كلينتون توجهت حسب القنوات الشرعية الى لجنة التجارة الفدرالية لترفع درجة تقييم لعبة محددة (Grand Theft Auto) من (M: Mature) أو الجمهور الناضج إلى (AO: Adults Only) أي للكبار فقط، كما طالبت بقانون يرفع درجة عقوبة المحلات التجارية التي تبيع الألعاب المخصصة للكبار للأطفال، لمزيد من التفاصيل: http://clinton.senate.gov/news/statements/details.cfm?id=240603

Ad

ورغم بساطة ومنطق المطالبات فإنها تلقت معارضة شديدة من المصنعين- «وهذا مفهوم»- ومن القانونيين الذين رأوا في ذلك تدخلاً في اختصاص هيئات التقييم المستقلة وسابقة قد تفتح الباب أمام تقنين الإبداع الفني ومصادرة حرية التعبير! أما التربويون فرأوا في المقترح انتقاصاً من دور الأسرة وتحميل المحلات التجارية مسؤولية تربية الأبناء وتحديد خياراتهم، وهو الدور المطلوب من الأبوين ولا أحد غيرهم، وها هي «مرشحة الرئاسة» تناقش وتحاول فرض مقترحها عبر القنوات القانونية وبالمنطق ومن دون ضجة أو تهديد أو وعيد أو سب وشتم مَن يعارضها.

السيدة كلينتون لم تعاقب وزير التجارة على بيع المحلات لهذه الألعاب للأطفال، ولم تقرر «كسيناتور» أن تمنع اللعبة من الأسواق، ولم تعمم المقترح على كل لعبة فيديو، بل اتجهت إلى جهة الاختصاص وبنت مقترحها على أساس دراسة وبحث واستشارة المتخصصين، وحرصت في مقترحها على حماية حقوق الكبار الذين لهم كامل الحق في تحديد ما يناسبهم. فالسيدة كلينتون لم تستخدم «النشء» ذريعة لتفرض على المجتمع كله آراءها وأفكارها.

في بقاع العالم المتحضر كله هنالك تصنيفات واضحة للمواد والمنتجات الفنية كالمسلسلات و«الكارتون» والأفلام وألعاب الفيديو والكمبيوتر. ويسوؤني مشهد الأطفال وهم خارجون من فيلم بتقييم (R) للعنف أو الرعب من دون حسيب أو رقيب، ودونما قانون يمنع دور السينما من بيع التذاكر لهؤلاء، أتألم عندما أرى أطفالاً يحملون مبالغ طائلة يجوبون المعارض ويشترون الألعاب والأقراص الرقمية التي لا تتناسب وأعمارهم واستيعابهم من دون أن يعي ذووهم خطورة ذلك، يهمني كأم أن أرى التصنيفات ومعناها واضح لا أن يقوم البائع بوضع الملصقات والكتابة عليها ليغشني ويضر أبنائي، يهمني أكثر أن يكبر أبنائي بشخصية مستقلة ومتوازنة وبقدرة موضوعية على تقييم واختيار ما يناسبهم من دون الحاجة إلى وصاية «عوير وزوير».

الأهم أنني أحترم حرية الآخرين ولن أطالب بالمنع والشجب والرقابة وتقليص حريات الآخرين في الشراء والترفيه لأخفف على نفسي أعباء تربية أبنائي، ولن أسمح لأحد أن يستخدم أبنائي كذريعة لتحجيم الحريات وفرض الوصاية، فأبنائي مسؤوليتي... هذا ما تستوعبه السيدة كلينتون ولا تستوعبه اللجنة الدخيلة.