منذ زمن طويل أنشد قيس بن الملوح في محبوبته ليلى:

Ad

«يقولون ليلى في العراق مريضة

فياليتني كنت الطبيب المداويا»

وفي إحدى مسرحيات زياد الرحباني أطربنا جوزيف صقر:

«الحالة تعبانة يا ليلى

خطبة مافيش

إنتي غنية يا ليلى

وإحنا دراويش

إنتي بوادي ونحنا بوادي

وكل لحظة تبعدنا زيادة

الأرض العنا بلاسجادة

وإنت معودة تمشي عالريش»

ليس مهماً من هي ليلى المقصودة هنا او هناك، لكن تشابها ملحوظا بينها وبين الحالة الكويتية، لا يمكن أن تخطئه العين، رغم انخفاض الرؤية، وانتشار الغبار.

فمن المؤكد أن «الحالة تعبانة»، كما أنه من المؤكد أن الكويت «مريضة».

أشعر بأن الوسط السياسي الكويتي قد تحول إلى حفلة زار لا تتوقف، طيرانها «ترنع»، وصخبها يتأجج، يتسابق فيها الراقصون على من «يستنزل» قبل الآخر. تتفوق فيها شهوة «الاستنزال» على غيرها من الشهوات، ويتبارى فيها المتبارون، كل يريد أن يبرز سطوته وتفوق «جنانوته»، ولا يبدو ان ذلك متحقق.

هناك حالة من الهيستيريا الجماعية تسيطر على الاداء السياسي، بل للدقة، حالة اللاأداء السياسي، وهي حالة تتجاوز حتى قواعد الصراع الطبيعي المعروفة، بانها تتجاوز حتى وجود مصالح ذاتية وآنية لهذا الطرف أو ذاك. ولعله بات لزاما علينا، لكي نفهم ما يجري في الكويت، أن نفهم ما يجري في جزر القمر، او آلاسكا، او ربما موزمبيق، من يدري؟

منذ يومين، اعلن الرئيس باراك اوباما تغييرا جذريا في سياسة سلفه الخاصة بدعم بحوث الخلايا الجذعية. وبموجب ذلك التغيير فإنه من المتوقع تحقيق تقدم كبير في هذا المجال. والخلايا الجذعية تستخدم لتحل محل الخلايا التالفة او الميتة لدى الانسان، وقد حقق استخدام الخلايا الجذعية نتائج مذهلة في علاج الامراض المستعصية مثل الزهايمر (الخرف) والباركنسون (الرعاش) والـ ام اس (تصلب الشرايين) والسكري وغيرها من الامراض. وحيث ان تلك الخلايا هي بالاساس تحل محل الخلايا التالفة والميتة، فكم كنت اتمنى على حكومتنا الرشيدة أن تستثمر في هذا المجال بدلا من الطاقة النووية، فوسطنا السياسي بحاجة ماسة الى استبدال الكثير من خلاياه التالفة

والميتة، ولربما تكون الخلايا الجذعية حلا، من يدري؟

من الممكن بالتأكيد تحويل وضعنا البائس ورؤيته بمنظار كوميدي ساخر، لكنها من نوع الكوميديا السوداء، القاتمة، القاتلة، والتي لا يبدو انه سينجو منها أحد، سواء من «استنزل» وطلع اللي براسه، او من مازال يحتفظ بشيء من عقل.