الأسوأ في تاريخ المجالس النيابية!!

نشر في 15-03-2009
آخر تحديث 15-03-2009 | 00:00
 سعد العجمي في ظل هذه الأجواء غير المريحة، وبعيداً عن تصنيف الاستجوابات والدخول في نوايا مقدميها، بات واجباً على قوى سياسية، أن تتفاعل وتتناغم في مواقفها وتؤجل خلافاتها، لمواجهة ما يحاك من ترتيبات لنزع مخالب مجلس الأمة.

خلال أزمة الدوائر الشهيرة رفعت الحكومة كتاباً بشأن عدم التعاون فَحُلَّ المجلس، وبعد إجراء الانتخابات وافقت الحكومة على القبول بما كانت ترفضه، وأُقرّ تعديل الدوائر، وفي المجلس السابق رفعت حكومتنا «الموقرة» كتاباً بشأن عدم التعاون مع المجلس أيضاً على خلفية زيادة الخمسين ديناراًَ، وتضمّن كتابها هجوماً شرساً على النواب والمؤسسة التشريعية، وأجريت انتخابات جديدة واضظرت الحكومة «صاغرة» للموافقة على زيادة الخمسين ديناراً في ثالث جلسة.

وفي أزمة استجواب «الفالي» حضرت الحكومة جلسة ما يعرف بـ«الهروب الكبير» وهي مدعومة بأغلبية نيابية غير مسبوقة لتأجيل الاستجواب لكنها «قصت الحبل» بحلفائها و«قطتهم على صخر» وقدّمت استقالتها.

ما سبق لا يؤكد فقط أن حكوماتنا المتعاقبة لا تجيد قراءة الأحداث بشكل جيد، بل يثبت أن مجموعة كبيرة من النواب والكتل تحمل «جينات» الحكومة أيضا، ويكرس كذلك ما قلته في مقالات سابقة، بأن هذا المجلس هو الأسوأ في تاريخ المجالس النيابية.

مجلس يذهب نوابه إلى سمو الأمير لإعلان البراءة من استخدام زملاء لهم أداة الاستجواب في إطار الدستور، مجلس يتحول بعض نوابه إلى ناطقين باسم الحكومة، مجلس يقول نوابه للحكومة: احضري الجلسة ونحن سنتولى مصادرة حق زملائنا في المساءلة السياسية، مجلس تتواطأ لجانه وتتآمر لسلق القوانين بدلاً من غربلتها وفلترتها، هو في واقع الأمر ليس الأسوأ فحسب، بل إنه بات خطراً على مكتسباتنا الشعبية، وتجربتنا الديمقراطية.

التحركات التي يقوم بها بعض النواب لإقناع القيادة السياسية بأنهم يستطيعون دفن الاستجوابات المقدمة لرئيس الحكومة في مقبرة اللجنة التشريعية أو المحكمة الدستورية، أو كتم أنفاسها بعباءة «السرية»، لا تختلف من وجهة نظري عن الدعوة- إن صحّت- التي أطلقها بعض الوزراء لحل المجلس حلاً غير دستوري، فكلا الطرفين أخل بقسمه الدستوري، بل إن خطيئة المعسكر النيابي في هذه الحالة أشد وطأة، فالوزير حصل على المنصب بترشيح رئيسه، أما النواب فقد تشرفوا بالحصول على العضوية كممثلين للأمة، من خلال أصوات الشعب، وفي العرف السياسي، ما يتخذونه من مواقف لا يمثل شخوصهم فقط بل يمثل دوائرهم الانتخابية.

عموماً، ومن واقع المعطيات الحالية، فإننا في مرحلة مفصلية قد تؤسس لسوابق سياسية غير محمودة إطلاقا، بدأت سيناريوهاتها تحاك على مرأى ومسمع الجميع استعداداً لجلسة الثلاثاء القادم، وإذا ما سارت الأمور وفق ما هو مخطط لها لوأد أداة الاستجواب، فإن الفريق النيابي الموالي للحكومة لا يتحمل المسؤولية وحده، بل إنني أحملها لمعسكر المعارضة أيضا، سواء كانوا نوابا أو كتلا أو قوى سياسية، فهم الذين يجب أن يقفوا بحزم لهذه المحاولات حتى لو أدى الأمر إلى تكرار سيناريو جلسة الدوائر الشهيرة.

فالكويت أولاً ومكتسباتنا الديمقراطية ثانياً، لا تستحقان هذه المحاولات العبثية لمجرد المحافظة على منصبي رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس الأمة، فالكويت ودستور 62 فوق الجميع، وهما الباقيان لنا، أما الأشخاص فزائلون وماضون في طريقهم.

اليوم وفي ظل هذه الأجواء غير المريحة، وبعيداً عن تصنيف الاستجوابات والدخول في نوايا مقدميها، بات واجباً على قوى سياسية- كالحركة الدستورية والتحالف الوطني الديمقراطي، ونواب كأحمد السعدون ومحمد الصقر، وشخصيات سياسية بحجم أحمد الخطيب ووليد الجري وأنس الرشيد- أن تتفاعل وتتناغم في مواقفها وتؤجل خلافاتها، لمواجهة ما يحاك من ترتيبات لنزع مخالب مجلس الأمة والتأسيس لمرحلة جديدة يكون فيها برلماننا مؤسسة تابعة لمجلس الوزراء.

back to top