Ad

كشفت الأزمة اللبنانية سلبيات وأخطاء الإعلام العربي، وأثبتت من دون شك بعده عن المهنية المطلوبة والحرفية المفترضة، وخضوعه الكامل للأهواء والميول الشخصية أو الرسمية للأشخاص والدول التابع لها.

في البداية أعبر عن فرح المواطن العربي البسيط بنجاح حوار الدوحة وتمنياته أن يصمد هذا الاتفاق أمام ما قد يثيره البعض داخليا وخارجيا من رياح وعواصف،

و لكن الحديث عن دور الإعلام العربي في الأزمة اللبنانية حديث آخر، فللأسف لم تكن كل أوراق أشجار التوت كافية لستر عورات هذا الإعلام، فقد كان سلبياً بامتياز.

إن دور الإعلام في كل الأوقات والأزمات إذا كان جادا وصادقا ومحايدا –وهذا المفترض- هو النقل الأمين لتطورات الأزمة لحظة بلحظة مع التحليل الصادق لما يحدث بعيدا عن الهوى الشخصي أو الرسمي لهذه الأدوات الإعلامية، من صحف وقنوات فضائية... فهل قامت الصحف والقنوات العربية بهذا الدور فعلا؟ أعتقد أن الجميع بلا استثناء سيجيبون بلا.

لقد كشفت الأزمة اللبنانية سلبيات وأخطاء الإعلام العربي، وأثبتت من دون شك بعده عن المهنية المطلوبة والحرفية المفترضة، وخضوعه الكامل للأهواء والميول الشخصية أو الرسمية للأشخاص والدول التابع لها، ولم يكن المواطن العربي قادرا على الاكتفاء بمتابعة فضائية واحدة أو قراءة صحيفة بذاتها لماذا؟ لأنها وببساطة شديدة كانت أحادية النقل والتحليل.

وأن يقع الإعلام اللبناني في هذه الهوة فذلك أمر يمكن تفهمه، حيث إن لكل طرف وطائفة أجهزتها الإعلامية التابعة لها، ومن الطبيعي أن يتحدث كل جهاز إعلامي بلسان طائفته (مع الاعتراض المبدئي على ذلك فأمانة نقل الحدث يفترض أن تكون أعلى من الالتزام السياسي)، ولكنه أمر يمكن قبوله على مضض، أما ما لا يمكن فهمه فهو الانحياز الكامل لأجهزة الإعلام في الدول العربية المختلفة، وليس الانحياز فقط ولكن –للأسف- محاولة التصعيد، فلقد قامت الأجهزة الإعلامية من صحف وقنوات فضائية في كل من –السعودية/مصر/ سورية- تحديدا وبعض الدول الخليجية بالانحياز إلى فريق دون آخر، ومطالبة الفريق الذي تؤيده برفض مقترحات وعدم الاستماع لآراء الطرف الآخر ومحاولة تشويهها.

لقد فقدت هذه الأدوات الإعلامية أي حس قومي تجاه الأزمة، وبدلاً من محاولة التهدئة أو الوقوف ساكنة فإذا بها بكل جرأة على الأعراف المهنية والثوابت القومية تنفخ في النار لزيادة الوهج وإضرام الحريق، فهل يمكن أن يكون هذا هو دور الإعلام العربي؟ والعجيب أن يحدث هذا بعد أقل من 3 شهور على إصدار وثيقة المبادئ الخاصة بالإعلام العربي، ولا أدري هل يمكن اعتبار موقف الإعلام العربي من الأزمة اللبنانية تطبيقا لهذه الوثيقة؟! خاصة مبدأ احترام الرموز الذي لم يفهمه أحد إلى الآن.

حاول المواطن العربي البسيط البحث عن الحقيقة المجردة في الأزمة اللبنانية من خلال أدواته الإعلامية العربية، ولكن للأسف باءت محاولاته كلها بالفشل ولولا نجاح حوار الدوحة أخيرا في فرض التهدئة والاتفاق بين الأشقاء لاستمرت الأزمة اللبنانية، واستمر معها كشف عورات الإعلام العربي، ويبقى السؤال: هل كان الإعلام العربي يسعى فعلا وبصدق إلى حل الأزمة اللبنانية؟ وهل كانت رؤيته للحل تنبع من داخل هذه الأدوات الإعلامية أم تُملى عليه من خارجها؟