مهرجان القرين الثقافي معلم من معالم الكويت الثقافية، والقرين هو اسم الكويت في القرن الثامن عشر، حينما فقد الاسم القديم كاظمة مكانته، وهو الاسم الذي عُرف به الميناء لقرون مضت، وظهر اسم القرين على خرائط الرحالة الغربي «كلين» التي طُبعت في هولندا عام 1753، لكن الاسم تغير الى الكويت في القرن التاسع عشر.

Ad

لكن المهرجان لم يسمَّ بهذا الاسم إلا بعد أن استبسلت المقاومة الكويتية في منازلة القرين الشهيرة وسقط رجالها شهداء، اذن هذا الاسم الذي أُطلق على المهرجان «الثقافي» يتمتع بتاريخ طويل لهذا البلد الذي يطمح إلى استعادة وهجه الثقافي، وليس لتأسيس مكانة ثقافية، ويتمتع أيضا بحاضر مشرف يدلّ على نبل الموقف الوطني الذي وقفه أبناؤه حين الشدة، ولأن قرين الماضي والحاضر لهما نفس المكانة في نفوسنا نقول: لماذا خلع القرين عنه عباءته الثقافية؟

القرين الثقافي مهرجان نخبوي وشعبي في ذات الوقت، فلماذا أخرجنا النخبوي وأبقينا الشعبي فقط؟ اذا كانت المسألة مسألة حضور جماهيري وهي دليل نجاح للمهرجان بلا شك، فاننا نضحي بأبسط قواعد وأسس هذا المهرجان «الثقافي» الذي يعتبر أحد أهم المهرجانات الثقافية في العالم العربي. وهنا قبل وكل شيء أوكد أنني لا أقصد اقصاء الشعبي، لكن الموازنة بينه وبين النخبوي.

الواضح من الفعاليات التي تحدث عنها الإخوة القائمون على المهرجان، أنها ركزت على مجموعة من الأنشطة الفنية مقابل اغفال تام للثقافي، ونذكر هنا أن اسم المهرجان هو القرين الثقافي وليس القرين الفني أو المسرحي، والموازنة هنا ليست مستحيلة وليست مكلفة، والكفاءات التي يمكن أن يعهد لها القيام بتلك الموازنة لا تقل عن كفاءات العمل التطوعي، واذا قلّت فبالامكان الاستعانة بالشباب المتطوع وأنا أجزم بانهم لن يبخلوا.

هل يستطيع أحد أن يقنعني بان استضافة فرقة فلكلورية وأخرى مسرحية أكثر يسرا وأقل تكلفة من دعوة شخصية ثقافية كالسيد لو كليزيو الفائز الأخير بجائزة نوبل أخيراً، أو الروائي التركي أورهان باموك أو نعموم تشومسكي؟

اليوم في الكويت مجموعة من الروائيين والروائيات يخجلون أن يطلبوا إلى المؤسسة الرسمية أن تقيم ندوة سنوية لقراءة أعمالهم عن طريق مجموعة من الباحثين والمعقبين من كبار النقاد العرب من المشرق أو المغرب، ونحن نراه حقا من حقوقهم علي المؤسسة الرسمية، والغاء الندوة التي يعتبرها المهرجان «الثقافي» عموده الفقري يبدو غير مبرر، حتى ان كانت الندوة قليلة الحضور، لأن ما يعني النخبة لا يعني العامة، وحق العامة بوجود الفرقة المسرحية والفلكلورية لا يلغي حق النخبة، ولان سمعة المهرجان الذي ارتبط اسمه بما ذكرنا في المقدمة يحددها العمل النخبوي وليس الشعبي.

المسألة الاهم هنا هو أن على المؤسسة الرسمية -أو هكذا يفترض- أن تشعر بالغيرة من نشاط النخبة وحضورها الآسر كما يحدث في ملتقى الثلاثاء أو مركز الحوار، وهي غيرة تدعو الى التفوق وتسخير الامكانات التي توفرها الدولة لعمل نخبوي تعجز عنه الجهة المتطوعة، واذا لم تستطع المؤسسة أن تقوم بذلك فبإمكانها أن تطلب عون هؤلاء الشباب طالما الهدف هو «القرين» وليس شيئاً آخر.