مرافعة: الى وزراء دولة الكويت اعينوا القضاء
نقلت لي بعض الأوساط القضائية عن رفض مجلس الوزراء مبدئيا مشروع زيادة رواتب أعضاء السلطة القضائية، بعدما نقل إليهم أحد المسؤولين ردة الفعل الأولية لبعض الوزراء في المجلس لدى مناقشته، لكن مصادر أخرى في ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء أبلغتني أن مشروع زيادة الرواتب في اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء لإعداد تقرير بشأنه لمناقشته من قبل مجلس الوزراء الموقر تمهيداً لرفضه أو قبوله، هذا في علم الغيب، ولكن ما هو معلوم لدي أود فقط تذكير الوزراء في مجلس الوزراء الموقر بعدة نقاط، أتمنى وضعها في عين الاعتبار قبل أن تحكموا على القاضي الكويتي.أولا: القاضي الكويتي يا سادتي هو شخص يتم قبوله للعمل في وزارة العدل بوظيفة باحث قانوني، ويخضع لدورة في معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية لمدة عامين، وبعدها يتم تعيينه وكيلا للنائب العام، وبعد 7 أو 8 اعوام يتم نقله للعمل قاضياً في المحكمة الكلية، وقبل جلوسه على المنصة يخضع لدورة في كتابة الأحكام القضائية وإدارة الجلسة، وهو ما يعني ان الوصول إلى منصب القاضي في الكويت ليس بمقولة «من هب ودب»، أو حتى بسخافة ما يفكر فيه البعض كيف أن هناك قضاة شبابا وصلوا إلى درجة مستشار بهذه السرعة، أقول لهؤلاء لا يشترط فيمن يصبح مستشارا أن يستعين بعصا لكي يمشي، أو حتى مجعد البشرة ورأسه مغطى بالشيب، لأن المجلس الأعلى للقضاء يرقي القضاة كل أربع سنوات، وتمت زيادتها قبل نحو شهر للمقبولين الجدد إلى خمس سنوات.
ثانيا: القضاة في المحكمة الكلية لديهم ثلاث جلسات أسبوعيا، وتخضع احكامهم للرقابة من قبل إدارة التفتيش القضائي، وكذلك لرقابة محكمة الاستئناف وقبل هذا وكله، فالواقع العملي هو بإمكان أي متقاض التقدم بملاحظاته على الهيئة القضائية إلى رئيس المحكمة الكلية، وبالتالي فالقضاة ليسوا ملائكة لا يحاسبون، وهذا الأمر ينطبق على مستشاري محكمة الاستئناف الذين عليهم رقابة لاحكامهم من محكمة التمييز. ثالثا: إن جهاز النيابة العامة وما يمارسه من دور كبير وحيوي بالتحقيق في قضايا المال العام، أو حتى في القضايا الحيوية والمهمة كبير جداً، كما ان الفترة التي تولى فيها المستشار حامد العثمان منصب النائب العام أحدثت نقلة نوعية في أداء النيابة، التي يشهد لها الكثير بحسن أدائها.رابعا: لا ينقص الجهاز القضائي بالكويت في نظري سوى تحريره من قيود وزارة العدل بتمكينه من إدارة شؤونه ماليا وإداريا، وهو ما يتمثل في سرعة إقرار قانون استقلال السلطة القضائية الذي تقدم به وزير العدل الحالي المستشار حسين الحريتي عندما كان نائبا في مجلس الأمة، والأمر الآخر هو تشديد الرقابة على أداء أعضاء السلطة القضائية بأن تكون هناك رقابة على الأحكام التي يصدرها المستشارون في محكمتي الاستئناف والتمييز، لكي تكون حركة التطوير والبحث مستمرة في ما يكتبون.خامسا: إن الجهاز القضائي في الكويت يحتاج إلى وضعه في النصاب الصحيح، وهو ما يتعين على الاخوة الوزراء معرفته، بل عليهم أن يعلموا أولا أن منصب رئيس المجلس الاعلى للقضاء يوازي منصب رئيسهم سمو رئيس مجلس الوزراء، وعليهم ان يدركوا تماما أن القرارات التي يصدرونها لا قيمة لها في نظر القضاء، متى ما كانت غير قانونية، هي والعدم سواء، بل على الوزراء ان يدركوا تمام الإدراك أن القضاء ليس شماعة لتعليق تجاوزات وكلائهم او حتى مديريهم، احالوها إليه تهربا من المسؤولية السياسية، ويصبح القضاء عزيزا في نظرهم وعادلا وحصينا بل ودرعا يتحصنون به من المساءلة السياسية وعدوا ثقيل الدم متى ما عرض أمر زيادة الرواتب على طاولة مجلس الوزراء.في الختام أقول إن المخجل يا سادة معلومة علمت بها أن رئيس الهيئة الطبية في الكويت يتقاضى ما يقارب الـ7 آلاف دينار كويتي شهريا، ورئيس السلطة القضائية راتبه لا يتجاوز الـ4500 دينار على الرغم من أنه يتولى ثلاثة مناصب في آن واحد، وهذا مثال على تقدير القاضي الكويتي، وأختم بمثال آلمني هو انه بافتتاح مقر جمعية المحامين الكويتية بحضور سمو رئيس مجلس الوزراء في حينها سمو الأمير الحالي الشيخ صباح الاحمد، حفظه الله ورعاه، كان جالسا في الصف الأمامي وبجانبه كبار المسؤولين، وحينها أين كان جالسا رئيس المجلس الاعلى للقضاء؟ هل تعلمون أين؟ ليس بالصف الثاني وإنما بالصف الثالث، ووقتها رفض نقيب المحامين العرب سامح عاشور الا الجلوس بالصف الجالس فيه رئيس مجلس الوزراء أي الأمامي، لأنه لا يجلس إلا بجوار الرئيس المصري، هكذا تكون التقاليد عندهم، وعندما قوبل طلبه بالرفض «طنقر ومشي والجماعة في جمعية المحامين راضوه بعشاء حضره أحد وزراء الأسرة وسافر في اليوم التالي»، في حين ان رئيس السلطة القضائية يجلس في الصفوف الخلفية، هذا المثال لا يحزنكم جميعا... أترك الإجابة لكم وأقول لوزرائنا في مجلس الوزراء لا تبخلوا على القضاء وأعينوه على تطوير نفسه، واحرصوا على تحريره، فهو يستحق منا الكثير.