تعلّمت من الكبار أخلاقيّات المهنة
هدى حسين: بدأتُ نجمة... والحظ دعمني!
من درة الخليج «الكويت»، انطلقت طفلةً جميلةً ذات حضور جذاب وأذهلت الجمهور بعفويتها وإبداعها على الرغم من صغر سنها. إنها الفنانة هدى حسين.
جميعنا يتذكر العمل التلفزيوني «حبابة»، الذي يجسد انطلاقة مسيرة هدى في الفن، الحافلة بالنجاحات والأعمال المميزة العالقة في أذهاننا، من «بدر الزمان» إلى «مديرة الرياح» وصولاً إلى مسلسل «العائلة». لم تقف عند هذا الحد، بل تابعت الصعود إلى القمة وأنجزت أكثر من عمل درامي متميز مثل «عفواً سيدي الوالد» و«أحلام البسطاء»، وانتظر جمهور الكويت ابنته التي غابت عنه لزمن ليس بقصير، فظل يشاهد أعمالها من خلال أشرطة الفيديو والكاسيت إلى أن أطلت عليه في مسرحية «بلاد العجائب»، فقابلته وهي تبكي من ألم الفراق، وظل هو يصفق ويهتف لهدى ابنة الكويت. لم تبخل على جمهورها من مشاهدي الشاشة الفضية، فكانت إطلالتها المبهجة من خلال المسلسلات الكويتية «من يقتل الأحلام»، «صمت السنين»، «حياتي» الذي يأخذنا إلى زمن الفن الذهبي الكويتي. ليس لطموحات هذه الفنانة حدود. تهوى التنويع والإنطلاق إلى الآفاق الفنية، كان «الشقردي» أول عمل كوميدي قدمته ولاقى نجاحاً مذهلاً، من ثم شاركت في المسلسل الدرامي «عليك سعيد ومبارك» لتؤكد أنها ملكة في كل الأدوار سواء الدرامية أو الكوميدية. لدى سؤالها عن هذا التنويع أجابت: «كما أن للعصفور أكثر من شكل في التحليق، أحاول أن أظهر في أكثر من شكل من حيث أدواري الفنية». من آخر أعمالها الدرامية «الدكتورة»، عمل متقن يقدم صورة الدكتورة الكويتية والخليجية بشكل واقعي. إنها باختصار هدى «عصفورة الفن الخليجي». إنتاج كانت مسرحية «ليلى والذئب» المشروع الإنتاجي الأول بالنسبة إلى هدى، ولم تتعدَّ السابعة عشرة من عمرها، وهي مسرحية غنائية كتب أشعارها عبد اللطيف البناي، وألفتها شقيقتها نجاة حسين التي شجعتها على الانتاج للطفل آنذاك. كان النجاح حليف المسرحية، أحبها الكبار قبل الصغار. بعد ذلك خاضت تجربة الغناء وقدمت أربعة ألبومات تعاملت خلالها مع ملحنين كبار من بينهم: محمد الرويشد، راشد الخضر، يوسف المهنى، أحمد عبد الكريم، غنام الديجان، إلا أنها توقفت، على الرغم من نجاح ألبوماتها التي كتب كلمات الأغاني فيها الشاعر عبد اللطيف البناي، بسبب توقف شركة «النظائر». المسرح تقول هدى: «المسرح هو المسرح، لكن الطفل الآن يحتاج الى من يتعامل معه ومع ما اكتسبه من تكنولوجيا حديثة، يحتاج إلى مسرح بإمكانات وتقنيات عالية، ليواكب ما اعتاد عليه من ألعاب حديثة، وأفلام كارتونية ثلاثية الأبعاد، وإلى كاتب عبقري ومخرج متميز، لكن الشيء الثابت أيضاً هو العبرة والهدف مما نقدم، يجب ألا نفقد الخبرة التي اكتسبناها في تهذيب سلوك الأطفال، وإيصال مفهوم الأخلاق وحسن التعامل». عرضت مسرحيات الأطفال على مسرحي كيفان والدسمة، وكانت الحكومة تحدد أسعار التذاكر. توضح هدى: «على الرغم من أنني كنت أصرف بسخاء على أعمالي المسرحية الا أنني كنت ألتزم سعراً واحداً للتذاكر، وكان إقبال الأطفال على أعمالي هو نجاحي الذي لم أتمنّ غيره» فضلت أن تبتعد عن الأعمال المسرحية المقدمة للكبار على الرغم من انخفاض تكلفتها لأنها لم تجد نصوصاً جيدة حيناً، أو وقتاً كافياً حيناً آخر، اذ ارتبطت بأعمال كثيرة للأطفال، لاقت صدى جيداً، الى أن وصلت الى مرحلة الإنتاج. احترام الفن عن بداية انطلاقها تقول هدى: «ساعدتني الظروف كثيراً، فكانت بدايتي في الفن قوية مثل بداية النجوم الكبار». تضيف: «حققت انجازاً رائعاً بوقوفي أمام العباقرة الذين تتلمذت على أيديهم، وتعلمت منهم ليس الفن فحسب، إنما احترامه والمعنى الحقيقي للنجومية، أي أن تحترم الناس ولا تتعالى عليهم، وتتنافس مع الآخرين منافسة شريفة، ولا أنسى أنني اكتسبت جرأتي من الوقوف أمام الكبار على المسرح وأمام الكاميرات من أسرتي الفنية، التي أهلتني للفن عن طريق العشرة والتعود». حديث الفن تعدّ هدى نفسها محظوظة لأنها «عاشت الزمن الجميل» وما زالت تحتفظ بما ترسّب في وجدانها من قيم فنية نتيجة تعاملها مع الكبار، من هؤلاء: حياة الفهد، خالد النفيسي، سعاد العبد الله، غانم الصالح، محمد المنصور. كذلك واكبت التغيرات الجذرية التي طرأت على الساحة الفنية، ليس في الكويت فحسب، إنما في دول الخليج، لذا خبرت الفروق الكبيرة، في كل الأمور الفنية، بين الأجيال القديمة والحديثة، مثل: التعامل، الالتزام والأخلاقيات الفنية. تقول هدى: «دخل الشباب اليوم، مع احترامي لهم، الفن مع ازدهار الإعلام وكثرة الفضائيات، وأصبحت أعمالهم تعرض يومياً على القنوات المختلفة، مع ذلك ليس لهم بريق النجوم القدامى، والسبب في رأيي يعود إلى أنهم لا يختارون أدوارهم بعناية ولا يهتمون بكيفية أداء الدور الموكل إليهم، وهو ما لم يفعله النجوم، كذلك أصبحوا مولعين بكثرة الظهور على القنوات وصفحات الجرائد على الرغم من أن رصيدهم لا يتعدى رصيد اي من نجوم زمان، واهتموا بأمور أخرى كالموضة والتجميل والمادة، التي يتحدثون عنها في الطليعة، تليها مساحة الدور». أمنيات تتمنى هدى أن يعم السلام دولة الكويت، كذلك العراق وفلسطين والعالم العربي، وتسود المحبة والتآخي الدول العربية كافة، ويؤدي الفن رسالته على أكمل وجه ويقدم ما ينفع الناس». من جهة أخرى، تتمنى وجود نقابة للفنانين، تحفظ حقوقهم، تحميهم لو حدث لهم مكروه. عائلة فنيَّة دخلت نجمتنا هدى الفن رغماً عنها، نشأت في عائلة فنية، كبرت وترعرعت وعينها عليه. خاضت أولى تجاربها الفنية وهي لم تتجاوز الرابعة من عمرها. تتلمذت على يد عمالقة الفن الكويتي الأصيل، حيث وقفت الى جانب: عبد الحسين عبد الرضا، علي المفيدي، سعاد حسين، أحمد المساعد في مسلسل «نوادر جحا» الذي أذيع وقتها بالأبيض والأسود. شهد «حبابة» البطولة الأولى لها، على الرغم من أنها كانت تشارك نجوماً كثراً، من بينهم اخلاص عبد الله، غانم الصالح، ابراهيم الحربي، إلا أنها أيقنت أن العمل يدور حول شخصيتها، وكانت حينها طفلة في الحادية عشرة من عمرها. أحبت هدى الأطفال، ربما لأنها لم تعش هذه المرحلة، لأن الفن شغلها وأخذها من كل شيء، فهو معشوقها الأول، قدمت أعمالاً لهم تجاوزت العشرين، كذلك غنت عشرات الأغنيات التي ما زالوا يرددونها حتى الآن. من أعمالها من أبرز أعمالها: «السندريلا»، «الف باء تاء»، «نورا»، «السندباد البحري»، بالإضافة إلى مجموعة من المسلسلات المتميزة منها: «الى ابي وامي مع التحية»، «مدينة الرياح»، «العائلة». ظلموها فقالوا تعرضت لإشاعات كثيرة روّجها حاسدوها من أعداء النجاح، كما تصفهم، من بينها أنها تزوجت من مليونير خليجي وسافرت معه. كانت تسمعها ولا تتكلم وتدعها للأيام، فهي كفيلة بكشف زيفها. لكن أكثر ما ضايقها هو اتهامها بالغرور والتعالي، تقول هدى: «أكثر ما يضايقني هو أن يحكم أحد علي من دون ان يتعامل معي، أو يصدر حكماً بالغرور والتعالي على الرغم من أنه لم يجد مني الا كل تواضع. للأسف سمعت هذا الكلام من زملاء يعرفونني حق المعرفة، واكتشفت امراً مهماً، هو أن البعض يعتبر الالتزام واحترام الذات والابتعاد عن القيل والقال غروراً، وإن كان كذلك فأنا أولى المغرورات».