أوهام العرس الديمقراطي
ما زلت لا أفهم الإصرار على إطلاق صفة العرس الديمقراطي على الانتخابات، ربما يأتي ذلك بسبب كثرة حفلات العشاء الجماعية، والإضاءات الملونة، أما عدا ذلك فليس هناك معالم عرس ولا هم يحزنون.العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها ليست إلا تعبيراً عن حالة الصراع داخل المجتمع، تستخدم فيها جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة بين المتنافسين، وتصل فيها أدوات قتل الشخصية إلى أقصاها، فالتشهير والتكسير والشائعات وشراء الأصوات واستخدام النفوذ الرسمي لإنجاح أشخاص أو إسقاط أشخاص هي الوسائل المستخدمة بشكل يكاد يكون مكرراً.
للأسف، هذا هو المسار الانتخابي، وهو ليس بالصورة الوردية المشرقة، ولا يمثل عرساً بأي شكل من الأشكال، فهل يعني هذا أن نتخلى عن الانتخابات؟ الشعوب الحية تتعامل بواقعية مع هذه المعطيات، وتسعى على الدوام إلى إصلاح الخلل، وسد الثغرات، وهي عملية مستمرة على الدوام، انطلاقاً من المقولة الشهيرة "الديمقراطية هي أسوأ أنواع الحكم إذا استثنينا جميع أشكال الحكم الأخرى".فباستثناء وصول المرأة، كحدث تاريخي، فإن الكثير من المؤشرات الأخرى ما زالت على حالها، بل إن تراجعاً ملحوظاً يمكن رصده على الأخص في عملية شراء الأصوات قد برز على الساحة، بعد أن ظهرت بوادر إيجابية في التحرك الحكومي في الانتخابات الماضية، كما أن طغيان الجانب الفردي على الحملة الانتخابية سيؤدي إن استمر إلى مزيد من تشويه العملية السياسية وقدرتها على الإنجاز. وكما أنه ليس هناك مفر من التمسك بالديمقراطية كأداة ونهج حكم، فإنه ليس هناك مفر من المراجعة الدائمة لإصلاحها والتخلص من شوائبها، وهي مسؤولية تقع على عاتق مجلس الأمة الجديد، ويتطلب الأمر تشكيل لجنة متخصصة في المجلس لبحث وطرح الحلول المناسبة للإصلاح، فهل يعقل ألّا يتم إعلان نتائج انتخابات 2008 على موقعي وزارة الداخلية ومجلس الأمة؟ ألا يثير تباين الأرقام بين 2008 و2009 تساؤلاً؟والآن بعد أن فاز من فاز وخسر من خسر، وبين الذين فازوا مَن لا يهمه إلا فوزه وتربعه على الكرسي الوثير، وبينهم من يهمه أن يتحسن الأداء الديمقراطي، فهل يقوم الحريصون على الديمقراطية بتشكيل لجنة تكون المحطة الأولى للإصلاح؟ أتمنى ذلك. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء