للنائب محمد هايف المطيري قدرة فائقة مستمرة لأن يُخرج كثيرا من- إن لم يكن أغلب وربما كل- خصومه من طورهم بتصريح صغير لا يلقي له بالا، يطلقه متكئا في ديوانه، وهو يلوك حبة من التمر «الخلاص» ويحتسي فنجانا من القهوة!
في كل مرة يطلق فيها تصريحا تقوم للقوم قائمة لا تقعد ولا تبرد، وتنطلق تصريحاتهم النارية وكتاباتهم الانفعالية التي لا يتوانى بعضها عن نعته بكل نعوت التخلف والتأخر واللامدنية واللاحضارة، ليقابلها هو بكل برود بالتجاهل والتمسك الراسخ بآرائه وقناعاته، تلك الآراء والقناعات التي تمثل كذلك- وأظن أن هذه الجزئية جديرة بأن يُنتبه لها- آراء وقناعات آلاف ممن صوتوا له في دائرته، وآلاف آخرين ممن لم يتمكنوا من التصويت له لكونهم في دوائر أخرى.ولا أدري لماذا لا يرى خصوم محمد هايف، أن الرجل وفي كل مرة لا يستخدم سوى ما يتيحه له منصبه كنائب في مجلس الأمة، فهو يصرِّح ويهدد ويتوعد، ويشارك في اللجان التي تستهويه ليمارس دوره، ويطرح مشروعات القوانين التي تهمه، ويهدد باستجواب الوزراء ورئيس الحكومة، تماما كغيره من النواب، وبالطبع كان كل ذلك وفقا لما يؤمن به، وليس متوقعا على الإطلاق من شخص على طراز محمد هايف أن يخرج عن مساره لمجرد مراعاة نفسيات وذائقة الآخرين، خصوصا خصومه!لا أذكر أن محمد هايف خرج يوما حاملا عصاه ليجبر الناس على اعتناق ما ينادي به، وقصارى أمره في كل مرة أن يسلك ما هو متاح له نيابيا وبالطبع إعلاميا بشكل تابع، وبالتالي فإنه مما لا طائل من ورائه، اللهم إلا زيادة التلوث السياسي، أن تقابل طروحاته التي يراها البعض «مستفزة»، بهذا الكم الهائل من مقالات الاستفزاز المعاكس والغضب وشد الشعر في الجرائد، (العربية منها والإنكليزية فقد قرأت مقالا غاضبا مرتبكا لأحد الزملاء في صحيفة كويتية تصدر بالإنكليزية يهاجم من خلاله محمد هايف وكأن الزميل، ويا للسخرية، يشتكيه للخواجات)، والمنتديات والمدونات!لنأخذ تحذير محمد هايف الأخير لوزيرة التربية من مغبة جعل مادة الموسيقى مادة أساسية في المراحل الدراسية، وتهديده بأن الأمر لن يمر بسلام عليها وعلى رئيس الوزراء، على حد تعبيره، ولننظر هل يستحق الأمر كل ردة الفعل المعاكسة هذه؟!لا أظن ذلك... وفي ظني أن كل ما على خصوم الرجل أن يقولوا له وبتبسيط واقتضاب شديدين: «أعلى ما في خيلك اركبه»، وفقا للدستور والقانون طبعا، نقطة على السطر. وهو عموما يلجأ دوما لركوب أعلى ما في خيله ولا ينتظر أن يسمعها من أحد أصلا، فالمسألة عنده مسألة عقدية تتجسد في ألا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.حكم المحكمة الدستورية الأخير بشأن حجاب النائبات، وبصرف النظر عن ظني به ومشاعري تجاهه، كشف ما كنت أقوله دائما بأن الكويت دولة دستورية مدنية، يجري التحاكم فيها إلى الدستور الوضعي وتفسيراته البشرية، لا إلى الشريعة الإلهية، حتى إن قرأنا في هذا الدستور أن الشريعة مصدر رئيسي للتشريع، وحتى إن ألزمت المذكرة التفسيرية المشرع بالأخذ من هذه الشريعة ما وسعه ذلك.لهذا وحيث إن وزيرة التربية من الفريق الخصم لمحمد هايف وأفكاره، وبما أني أحسبها قادرة على التصدي له بالحجج الدستورية ناهيك عن حشد النواب المؤيدين لها في حال أصر على الاستجواب، فلماذا كل هذا التهويل والقلق والخوف من الاستجواب؟! ليركب محمد هايف أعلى ما في خيله.على أي حال... محمد هايف ليس بحاجة لنصيحة من أحد في هذه المسألة، وهو متجه غالبا نحو استجواب وزيرة التربية وربما رئيس الوزراء على خلفية موضوع الموسيقى، وهذا حقه الدستوري بغض النظر عن الرأي بأهمية القضية أو تفاهتها، لذا ففي المقابل فإن نصيحتي لخصومه بأن يركزوا على المواجهة بالأدوات الدستورية المتاحة بدلا من الصراخ، (واللي في الجدر بيطلعه الملاّس) وبهدوء! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
ليركب محمد هايف أعلى ما في خيله!
15-11-2009