عكفت الجهات السياسية والدبلوماسية المُراقبة في عطلة نهاية الأسبوع على دراسة الأبعاد والخلفيات المتعلقة بالخطاب الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خصوص موقف الحزب من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وما يمكن أن يصدر عن المدعي العام دانيال بيلمار من قرار ظني يلقي الضوء على تفاصيل اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وبعض الجرائم الأخرى التي أعقبت الاغتيال.

Ad

وقد انقسمت الآراء في شأن طبيعة "الرسالة" التي أراد نصرالله توجيهها من جهة، وفي شأن الجهة التي أراد أن تصل إليها هذه "الرسالة" من جهة أخرى.

 رأى بعض المراقبين أن نصرالله توجه إلى الداخل اللبناني من خلال اتهام التحقيق الدولي بتنفيذ غايات إسرائيل وأهدافها، على نحو يجعل من أي لبناني، سواء كان في موقع المسؤولية الرسمية أو السياسية أو الإعلامية، في موقع الاتهام السياسي من جانب الحزب وحلفائه بالتناغم مع المصلحة الإسرائيلية إذا تبنى ما يمكن أن يصدر عن المحكمة، أو في حال المضي قدماً في تأمين الغطاء اللبناني السياسي والرسمي والمالي والمعنوي لعمل المحكمة.

كما توجه إلى الداخل اللبناني من خلال استقباله كلاً من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لتظهير عدم قدرة أي خطوة تتولاها المحكمة الدولية على تطويق "حزب الله" وعزله سياسياً، وبالتالي لتظهير اعتراض "حزب الله" على أداء المحكمة بمنزلة اعتراض لبناني وطني، وليس اعتراضاً من جانب فئة قد تتهمها المحكمة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فردية أو جماعية، بالضلوع في جريمة اغتيال الحريري.

وربط أصحاب وجهة النظر هذه بين التهديدات التي سبق أن نُسِبَت إلى "حزب الله" بتكرار تجربة 7 أيار 2008 عندما احتل شوارع مدينة بيروت وأحياءها فارضاً تعديل موازين القوى السياسية بالقوة العسكرية من جهة، وبين دعوة العماد عون للسيد حسن نصرالله إلى تغيير قواعد اللعبة من خلال استباق أي محاولة لاستهداف "حزب الله" من الداخل اللبناني من جهة مقابلة. ولفتوا إلى أن "حزب الله" قد يكون في صدد تحضير الأجواء لعمل أمني - عسكري ما في الداخل بحجة الدفاع عن النفس، واستباق أي تدبير قد يستهدفه باسم القضاء الدولي. وأشاروا إلى أن هذا العمل قد يتخذ شكل تظاهرات وقطع طرقات وإحراق دواليب ورفع سواتر واعتصامات ومحاصرة منازل قيادات سياسية وحزبية وناشطين وإعلاميين، كما قد يتخذ شكل عمل ميداني أمني وعسكري مباشر يقضي بتنفيذ انتشار تتولاه "سرايا المقاومة" على مساحة المناطق اللبنانية كافة، وخصوصاً في جبل لبنان وبيروت والشمال، بحجة حماية ظهير المقاومة من أي خطوة ميدانية قد تقدم عليها إسرائيل مستفيدة من استهداف "حزب الله" سياسياً ومعنوياً وقضائياً من جانب المحكمة الدولية في محاولة للإطباق عليه، مما يعني أن كل الرهان يبقى منصباً على القوى الشرعية لمعرفة هل ستتصرف بردة الفعل ذاتها التي تصرفت بها في 7 أيار 2008 أم أنها ستغير أداءها لحماية السلم الأهلي.

في المقابل، يرى آخرون أن السيد حسن نصرالله لن يكون في موقع المبادر إلى أي عمل عسكري أو أمني لإسقاط المحكمة الدولية، ولكنه يصعد سياسياً وإعلامياً في محاولة لتأجيل موعد صدور القرار الظني. ويعتبر هؤلاء أن ما يسعى إليه نصرالله هو إيصال رسالة إلى المحكمة الدولية، مضمونها أن صدور القرار الظني سينعكس سلباً على الاستقرار السياسي والأمني، وبالتالي فإن المطلوب للحفاظ على هذين "الاستقرارين" هو صرف النظر، على الأقل مرحلياً عن إصدار القرار الظني في انتظار ظروف محلية وإقليمية ودولية تسمح بتوجيه الاتهامات الوجاهية والغيابية.