سيادة الرئيس... حملت الأمانة بصدق
عذراً لاقتباس العنوان... فهو يحمل من الكوميديا ما لا تخطئه العين أو يتجاوزه العقل، وإذا كان المصري معروفاً بخفة الظل وسرعة البديهة (ابن نكتة) ومن الصعب إضحاكه فكيف بعنوان أضحك 80 مليون مصري... بالتأكيد يستحق الاقتباس. يعتبر المسؤول العربي أكثر المسؤولين حبا للأرقام وشغفا بها، وكيف لا والرقم السحري 99.99 هو شرعية وجوده ودليل قدراته الخارقة وعبقريته النادرة. لذلك اسمحوا لي أن أتقمص دور هذا المسؤول وأتحدث بلغة الأرقام التي لا تكذب- تعليقا على العنوان المذكور- خصوصاً أن هذه الأرقام صادرة عن مؤسسة الأهرام الحكومية- أي لا مجال للادعاء بكذبها أو معارضتها للنظام- عن حصاد 27 عاما من حكم الرئيس (صدرت في سبتمبر 2008).
أولا: الأحوال الاقتصادية: أكثر من 35% من الشعب تحت خط الفقر (أقل من دولار واحد في اليوم)، وبلغت ديون مصر 614 مليار جنيه والنقود المهربة 300 مليون دولار (تم تهريبها خلال الـ27 عاما السابقة).ثانيا: الأحوال الاجتماعية: 5 ملايين شاب بنسبة 29% من القادرين على العمل يعانون البطالة. وتبلغ تجارة المخدرات 6 مليارات جنيه سنويا.ثالثا: التعليم والأمية: 26% لا يقرؤون ولا يكتبون بالإضافة إلى 7% من الأطفال لا يدخلون المدارس سنويا بسبب الحالة الاقتصادية. رابعا: الحالة الصحية: 18% أي 13 مليون مواطن مصابون بالالتهاب الكبدي و20% من مرضى الذبحة الصدرية أقل من 40 عاما بينما الفشل الكلوي والبلهارسيا وتلوث المياه والهواء من أعلى النسب في العالم. خامسا: الأرض الزراعية: تم تجريف مليون و200 ألف فدان بنسبة 20% (وهو تقريبا ما تم استصلاحه في الستينيات من القرن الماضي). سادسا: الأحوال السياسية: فساد النخبة الحاكمة- مراكز قوى- تزوير انتخابات –اعتقالات. هذه هي الأرقام التي لا تكذب وهذا ليس جلداً للذات أو تعريضاً بالوطن وإهانة له، ولكنه واقع يعيشه المواطن، ومعاناة يومية أرهقت الملايين، وأصابت 20 مليون مواطن (كما يقول التقرير) بالاكتئاب، ودفعت المواطن البسيط إلى التوسل للرئيس ألا يحمل الأمانة بهذا الصدق أو يضعها عن كاهله أم أن الأمانة لدى سيادته لها مفهوم آخر لا يدركه المواطن؟! بعيداً عن استفزاز تعبير بلده الثاني ورفضي له فلم نسمع- مثلاً- الإعلام الفرنسي يقول إن المستشارة الألمانية جاءت إلى بلدها الثاني فرنسا أو تهلل الصحف الإنكليزية عند زيارة برلسكوني إلى بلده الثاني إنكلترا... بعيداً عن هذا فقد كانت آخر صور الأمانة التي حملها الرئيس يوم زيارته الأخيرة إلى بلده الثاني هنا ما قام به المئات من رعايا سيادته من تجمع وتظاهر نتيجة انقطاع راتبهم لأكثر من 6 شهور وسوء الأحوال المعيشية من مسكن ومأكل... ولا أدري أليس هذا أيضا بلدهم الثاني أم أنهم جاؤوا خطأ إلى الثاني من جهة اليسار، بينما جاء الرئيس إلى الثاني على اليمين؟! مع العلم أن لكل حاكم عربي بلداً أول و20 بلداً ثانياً ولا يجد رعايا الحاكم لا بلداً أول ولا ثانياً... ولا عاشراً!! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة