دبق الاساتذة و الطالبات
كما توقعت تماماً، فقد كان مقالي حول الممارسات الأخلاقية الشائنة من بعض أساتذة الجامعة دبقاً جداً، حيث أثار الكثير من التفاعل والمشاركات التي كشف بعضها الغطاء عن أن ما يجري ليس حكراً على الجامعة إنما يوجد الكثير مما يشابهه في مؤسسات أخرى، وأثار كما ظننت أيضاً، الكثير من دبيب النمل الذي حمل معه، وكالعادة، اتهامات وادعاءات، سأبقى مذهولاً دائما من قدرة أصحابها على الإبداع في الخيال المريض!
لقد حرصت في ذاك المقال على أن أكون واضحاً جداً بأن المقصود هم بعض الأساتذة- مع تحفظي أصلاً على إطلاق كلمة الأساتذة على هذه القاذورات- وذلك حتى أبتعد عن التعميم على عموم الجسد الأكاديمي الذي أحترمه وأقدره، فأنا ابن لجامعة الكويت، وقبل ذلك مواطن حريص على مكانة وسمعة جامعة بلده، مهما حمل عليها من انتقادات أو ملاحظات، فالجامعات في كل بقاع الدنيا هي الواجهات الحضارية للدول والأمم.لكن لنتذكر مع ذلك يا سادة أن أساتذة الجامعة ما هم إلا بشر في نهاية المطاف، لا ملائكة منزهين عن الإثم والباطل، وبالتالي فإن من البدهي أن منهم من يتمرغ في الرذيلة، وأنا وإن قلت هذا فقد حرصت على عدم التلميح عن أي أحد ممن بلغتني أسماؤهم، بأي شكل من الأشكال، فليس هذا هدفي على الإطلاق، في هذه المرحلة على الأقل.إن طرح الموضوع لم يأتِ من باب «اصطناع» الإثارة، إلا أنه مثير ومتأجج بذاته لخوضه في مسألة حيوية وخطيرة في مكان حيوي وخطير، حتى لو كان عدد هؤلاء المنحطين قليلا لا يتجاوز عدد أصابع اليد- والأمر ليس كذلك في الحقيقة- فمن الجدير تناوله والتصدي له، وليس في طرحه إعلاميا أي إساءة لعموم الجسد الأكاديمي، بل إن من يسيء إلى الجسد الأكاديمي في الحقيقة هم هذه القاذورات التي ترتدي لباس الوقار الأكاديمي وهو بريء منهم، ولعله يلحق بهم كذلك من يعلمون عن قذارتهم ويلتزمون الصمت ويسكتون تحت مختلف الأعذار الواهية، إما خوفا وإما رغبة في البعد عن إثارة المشاكل أو إدخال أنفسهم في المتاهات الإدارية والمجتمعية! كذلك علّق البعض بأن هؤلاء «السيئين» لا يتجرؤون إلا على الطالبات «السيئات»، وهذا الكلام لو افترضنا صحته، وهو ليس كذلك، فإنه لا يجعلنا نتغاضى عما يحصل، ولا يوجد أي عذر بأي شكل من الأشكال لأستاذ جامعي ليستغل موقعه لممارسة هذه الرذائل مع «السيئات»، ولا أظن واحداً منهم سينجو من قضية من هذا النوع، لو هي وصلت إلى القضاء، بهذا المبرر. كما أنني، وهذه نقطة عابرة، لم أشمل في مقالي على الإطلاق أولئك الأساتذة الذين يتقدمون للزواج من طالباتهم، فهذه قضية اجتماعية أخرى لا شأن لي بها.الموضوع الذي طرحته ليس خيالاً، وعدم وجود الأدلة والبراهين، وعدم اللجوء إلى المسؤولين كما أشار البعض، لا يناقض هذه الحقيقة، لأن موضوعاً شائكاً يحمل هذا الكم من الحساسية المجتمعية، لكونه يحمل تهديداً لسمعة أساتذة وطالبات، سيكون من البدهي أنه صعب الإثبات، خصوصاً في ظل عدم وجود قنوات ووسائل معدة للتعامل معه بسرية وحكمة، ولكم فيما تنشره بعض الصحف وتبثه بعض مواقع الإنترنت وتتناقله مسجات «الملتيميديا» من هتك وعدم احترام لخصوصيات وأسرار الناس دليل واضح على هذا.يا سادة، إن الأمر ليس سهلاً أو عادياً ليتم التعامل معه من خلال اللجوء بالشكوى مباشرة إلى رئيس القسم أو العميد أو مدير الجامعة، أو حتى إلى مخفر الشرطة، فلا ننسى طبيعة مجتمعنا، وكذلك شراسة وظلم أحكامه المسبقة، على غرار قول البعض على خلفية هذا المقال، مثلا، بأن الأستاذ «السيئ» لا يتجرأ إلا على الطالبة «السيئة»!على أي حال، أسعدني اتصال مدير الجامعة الأستاذ الدكتور عبد الله الفهيد، واهتمامه وتفهمه للموضوع وإدراكه لحساسيته وصعوبته، وتشرفت بقبول دعوته للقاء قريب نتحدث فيه ونفكر سوياً بصوت عال حول ما يمكن عمله في هذا الصدد، ليس بهدف الإشارة إلى أحد بعينه، إنما سعيا إلى إيجاد آلية لمكافحة هذا الذي يجري، ولجعل المسيئين يفكرون كثيرا قبل الإقدام عليه.