ما بين مناقشة الاستجوابات ورفع الجلسات، سواء بسبب عدم حضور الحكومة، أو عدم اكتمال النصاب، أو عدم انتهاء التقارير الخاصة من اللجان، أو السجالات التي تكون في غالبيتها نيابية - نيابية، فضلاً عن حرص العديد من النواب على الحديث لتسجيل أسمائهم في المضبطة، طارت جلسات مجلس الأمة دون تطبيق جدول الأولويات الذي أقرته السلطتان التشريعية والتنفيذية مطلع دور الانعقاد الحالي.

Ad

مع اقتراب الانتهاء من المدة المحدة لانجاز جدول الأولويات الذي اتفقت عليه السلطتان التشريعية والتنفيذية، يلاحظ أن المجلس فشل في تنفيذ جدول أولوياته، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات لعل أولها من المسؤول عن هذا؟ هل مجلس الأمة بسبب كثرة الاستجوابات التي ضيعت العديد من الجلسات والسجالات النيابية - النيابية التي أدت الى رفع أكثر من جلسة وعدم حرص نوابه على حضور الجلسات لتعويض النقص الحكومي أم الحكومة التي تحضر معظم الجلسات ممثلة بوزير أو وزيرين، وعدم تقديم المرونة الكافية لمناقشة أية مواد يتم تقديمها أثناء الجلسات ما يؤدي الى رفع الجلسة من دون اقرار القانون؟

الان لم يتبق من الـ 23 جلسة المحددة لتنفيذ 23 أولوية سوى جلستين، بعد ان فاتت خمسة أشهر على بداية تنفيذ جدول الأولويات الذي أقره مجلس الأمة بالاتفاق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبدأ في 3 نوفمبر وينتهي في 14 أبريل، ولم يتم تنفيذ سوى ثلاث أولويات فقط!

الحكومة تحاول أن تلقي المسؤولية على مجلس الأمة وظهر هذا جليا في حديث وزيرها محمد البصيري في جلسة الاربعاء الفائت، الذي أكد أن المجلس هو المسؤول عن عدم تنفيذ جدول الأولويات، مستدلا بمحاولات النواب ادراج قوانين ليست موجودة من ضمن الجدول، ما أدى الى عدم الاهتمام به، مطالبا باقرار جدول أولويات آخر وأن يكون هناك التزام أدبي بتنفيذه، والا "فكل نائب يريد تنفيذ الأجندة الخاصة به، عليه جمع التواقيع الكافية"، وهو الذي قابله رفض نيابي خلال تلك الجلسة، وأكد عدد من النواب أن المجلس سيد قراراته وأن الحكومة هي المسؤولة عن عدم تنفيذ جدول الأولويات بسبب حضورها الجلسات بوزير أو وزيرين فقط.

3 أولويات

من بين 23 أولوية لم يتمكن المجلس من اقرار سوى 3 أولويات هي قانون العمل في القطاع الأهلي، وقانون هيئة سوق المال، وقانون ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن أنها "الأولويات" لم يتم اقرارها في الموعد الذي حدده الجدول، وضاعت الجلسات ما بين الاستجوابات وفقدان النصاب ورفع الجلسة بسبب التشابك النيابي - النيابي.

وبعد أن قام مجلس الأمة بمناقشة الخطاب الأميري في جلسة 3 نوفمبر، لم يتمكن من اقرار قانون العمل في القطاع الأهلي في جلسة 4 نوفمبر، كما كان مقررا، ما أدى الى ترحيل القانون الى جلسة 18 نوفمبر التي كانت مخصصة لاقرار قانون انشاء هيئة سوق المال اضافة الى مناقشة بعض تقارير اللجان، وهكذا كانت الجلسات.

ومنذ اربعة أشهر كان يجب الانتهاء من القوانين الخاصة بالقضاء، التي لم تتم مناقشتها الى الان، وجلسة 9 ديسمبر كانت مخصصة لمناقشة قوانين اللجان عن قضايا الفساد، لم تتم أيضا مناقشتها حتى تاريخه.

رأي الحكومة

في هذا الاطار يقول وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان لـ "الجريدة" إن الأولويات تم وضعها بالتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وانني من المؤيدين لان تحضر الحكومة الجلسة وهي مستعدة للقضية التي ستناقش، كذلك يكون أعضاء المجلس جاهزين حتى يتمكن المجلس من الانجاز.

وحمل الروضان السلطتين التنفيذية والتشريعية مسؤولية عدم تنفيذ الأولويات، متمنياً أن يكون هناك تنسيق مسبق بينهما حولها، ما لم يطرأ طارىء آخر يتسبب في تعطيلها، لافتا الى انه عندما كان نائبا في مكتب المجلس كان يحرص على اعداد جدول الأولويات، نظرا لأهميته في تحقيق الانجازات، "فعندما تكون الجلسة المقبلة مخصصة لمناقشة قضية التعليم على سبيل المثال يأتي الوزير المختص وهو مستعد لذلك، كذلك يأتي النواب أيضا وهم مستعدون للمناقشة، لكن للأسف هذه المحاولات صار لها اكثر من مجلس".

ويؤكد الروضان انه متى استطاعت السلطتان الاتفاق على الأولويات والالتزام بها فسيحقق المجلس العديد من الانجازات التشريعية، مشددا على أن المجلس سيد قراراته وأن ليس هناك ما يمنع أن يوافق على مناقشة موضوع آخر يكون له أهميته وقت المناقشة ويقدمه على جدول الأولويات، "واذا التزم الطرفان بجدول الأولويات فإنهما سيرتاحان".  

كذبة سمجة

فيما حمل النائب وليد الطبطبائي الحكومة مسؤولية عدم تنفيذ جدول الأولويات الذي تم الاتفاق عليه بداية دور الانعقاد، بعد أن أعده فريق مكون من عدد من النواب والحكومة ممثلة في وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير المواصلات محمد البصيري.

وقال الطبطبائي لـ "الجريدة" ان "محاولة الحكومة تصوير المجلس بأنه معطل للتنمية والسبب في عدم تنفيذ جدول الأولويات كذبة سمجة لا يصدقها أحد، وعليها البحث عن شماعة أخرى، والعمل على حل المشاكل العالقة كالرياضة والبدون والبورصة والازدحام المروري وتراكم الطلبات السكنية، فكلها مشاكل تعاني منها البلد والحكومة عاجزة عن حلها".

وأضاف يجب اعادة تشكيل الحكومة باسلوب مغاير منهجيا وشكليا، حتى توجد حكومة قادرة على تحقيق التنمية، فالحكومة الحالية فاشلة وعاجزة عن تحقيق ذلك، متسائلا: هل المطلوب من النواب الجلوس في مكاتبهم والتفرغ لتخليص المعاملات؟!

تعطيل المجلس

وعن حرص الحكومة على اظهار عدم تخوفها من الاستجوابات وابداء استعدادها للمواجهة، قال الطبطبائي "ان الحكومة خلال الاشهر الماضية كانت سببا في تعطيل الجلسات، وكانت تحضر الجلسة ممثلة بوزير واحد او وزيرين، ويغادر الوزراء الباقون المجلس وتعقد اجتماعات متزامنة مع وقت جلسات المجلس، فهناك استخفاف حكومي بالمجلس"، محملا المسؤولية لبعض النواب الذين دعموها للقيام بتلك التصرفات "البايخة"، وعدم وجود حرص نيابي على حضور الجلسات لتعويض النقص الحكومي، "لذلك اشعر أن هناك مؤامرة حكومية - نيابية على المجلس، فالنواب تمشي أمورهم، مقابل ترك الحكومة تتصرف كما تشاء، أما مجلس تشريعي فعال فأمر غير مطلوب".

واضاف لقد رأت الحكومة انه بدلا من أن تقوم بحل المجلس وتعطيل الحياة الديمقراطية، تعمل على جعله مجلسا ثوريا، يثبت امام العالم وجود ديمقراطية في الكويت، ويكون في الوقت نفسه عاجزا عن القيام بدوره الحقيقي"، مؤكدا أن الحكومة نجحت في ذلك، وجعلته مجلسا مشلولا، وأصبح قسماً تابعا الى الحكومة.

الخلافات النيابية

من جهته رأى النائب حسين الحريتي أن "الخلافات النيابية - النيابية تنعكس على قوة المجلس في القيام بمسؤولياته، وتؤثر سلبيا على ادائه، وتصب في الوقت نفسه في مصلحة الجانب الاخر (الحكومة) وتعطيه القوة"، وتمنى على النواب "أن يحافظوا على هيبة السلطة التشريعية، والنأي بها عن اية خلافات شخصية، والبعد عن الالفاظ الغريبة على المجتمع الكويتي".

وعن الاولويات اكد أنها مسؤولية مشتركة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مشيدا بحرص الحكومة على اعلان موقفها من الاستجوابات خلال الجلسات بالمواجهة وعدم الخوف، "لان الاستجواب حق كفله الدستور لكل نائب يستخدمه وقتما شاء"، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة أن يكون الاستجواب مستحقا.

ترتيب الأولويات

ورأى النائب مبارك الوعلان أن الحكومة غير جادة في ترتيب الأولويات وتنفيذها، وتتهرب من الجلسات وتأتي بوزير واحد كمحلل أثناءها وهو وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير المواصلات محمد البصيري، معتبرا ذلك خير دليل على عدم تعاونها في تنفيذ جدول الأولويات، مضيفاً "ان كان المجلس يتحمل جزءا من المسؤولية فان الحكومة تتحمل المسؤولية الأكبر".

واستغرب الوعلان عدم استفادة الحكومة من الأغلبية المريحة المتوفرة في المجلس الحالي في تحقيق التشريعات اللازمة التي يتطلع اليها الشعب الكويتي، مؤكدا ان قانون الخبرة يثبت عدم اهتمام الحكومة بالتعاون مع المجلس، وأن الاستجوابات التي تتعامل معها بخوف ورهبة ليست سببا في تعطيل جدول الأولويات، "فالاستجواب يناقش في جلسة واحدة ومن الممكن تعويض ما فات في الجلسات الأخرى"، لافتا الى أن "الحكومة عندما كان لديها الرغبة في مواجهة الاستجوابات، ناقشت اربعة في جلسة واحدة".