من المفروغ منه أن للقطاع الخاص في أي بلد دوراً مهماً يجب أن يقوم به في عملية التنمية، لكن تحديد هذا الدور يجب أن يأخذ في الاعتبار قضايا كثيرة مثل طبيعة الاقتصاد ومرحلة التطور الاقتصادي والاجتماعي التي يمر بها المجتمع، وحجم السوق، وطبيعة القطاع الخاص وغيرها.
ولقد كان، ولايزال، للقطاع الخاص الكويتي دور مهم في عملية التنمية، إذ إن هناك العديد من الأنشطة الاقتصادية التي يمتلكها القطاع الخاص ويتولى إدارتها بمفرده أو يشترك فيها مع القطاع العام، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن القطاع الخاص لدينا يعتبر مساهماً رئيساً في الأنشطة التعليمية والصحية منذ عقود طويلة، إذ إن هنالك العديد من المدارس والجامعات الخاصة، وهناك أيضاً عدد غير قليل من العيادات والمستشفيات الخاصة، ناهيكم عن مشاركة القطاع الخاص في إدارة بعض الأنشطة الحكومية المتعلقة بقطاعي التعليم والصحة.لذلك فإنه من المفترض، قبل الحديث المتسرع والمرتبك عن الخصخصة الذي ازدادت وتيرته وعلت نبرته بعد إعلان الحكومة ميزانية السنوات الأربع المقبلة والمقدرة بـ37 مليار دينار قابلة للزيادة، أن يكون هنالك تقييم مؤسسي وأكاديمي حقيقي محايد ومستمر لتجربة القطاع الخاص في التعليم والصحة تقوم به مؤسسات تقييم محلية وعالمية مستقلة ومعتمدة، على أن يشمل هذا التقييم نوعية الخدمة الحقيقية المقدمة ومحتواها الحقيقي وتكلفتها على المواطن وعلى الدولة أيضاً، مقارنة بنظيرتها في القطاع الحكومي على ألا يتوقف التقييم عند شكل المباني التي يستخدمها القطاع الخاص، ونوعية السجاد أو زخرفة ديكور الغرف الداخلية فقط.إن الحديث الذي يردده بعض المسؤولين الحكوميين وبعض أعضاء مجلس الأمة عن توسيع نشاط القطاع الخاص في مجالي التعليم والصحة وتصوير الخصخصة على أنها هي "الحل السحري" حتى قبل تقييم التجربة المحلية الحالية يعتبر حديثاً في غير محله بتاتاً، إذ إن التقييم العلمي الحقيقي قد يثبت لنا عدم نجاح التجربة الحالية للقطاع الخاص في مجالي التعليم والصحة، وهو ما يعني أنه من المرجح اكتشاف أن لدينا نحن أيضاً "دكاكيننا" التعليمية والصحية الخاصة، خصوصاً أن هنالك تجارب عالمية كثيرة أثبتت عدم كفاءة القطاع الخاص في تقديم خدمات صحية وتعليمية ذات جودة عالية نظراً للتكلفة المادية الباهظة في الوقت الذي يبحث فيه القطاع الخاص عن الربح السريع والمضمون، ولنا في تجربة الشهادات "المضروبة" التي توفرها "دكاكين" التعليم في بعض الدول العربية والعالمية خير مثال على ذلك.فهل يا ترى نتعظ من التجارب العالمية السيئة للخصخصة في مجالي التعليم والصحة التي عانيناها نحن أيضاً، ونقوم بتقييم تجربتنا المحلية قبل الحديث عن أي سياسات جديدة لتوسيع نشاط القطاع الخاص فيهما؟
أخر كلام
الخصخصة و«دكاكين» الصحة والتعليم
15-03-2010