أكد محافظ البصرة شلتاغ عبود المياح، أن العملية السياسية في العراق شهدت تطورا ملموسا خلال السنوات الست الماضية، بعد سقوط النظام البائد، مشيرا في حوار مع "الجريدة"، إلى أن القوات الأمنية في المحافظة على أُهبة الاستعداد لحماية العملية الانتخابية ومراكز الاقتراع بالبصرة في 7 مارس المقبل، مؤكدا أن العراقيين، خصوصا البصريين، لديهم الرغبة في المزيد من التقارب بين الكويت والعراق، من منطلق جغرافي وأخوي واجتماعي، والأبواب مفتوحة لاستقبال استثمارات كويتية في البصرة.

Ad

• كيف تقرأون الانتخابات العراقية المقبلة؟

- تطورت الحركة السياسية في العراق تطورا ملموسا وكبيرا خلال السنوات الست الماضية، وانتقلت السلطة أكثر من مرة بشكل مرن، سواء من خلال الانتخابات التشريعية الماضية أو من خلال الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات، وأنا شخصيا أرى أن الحس الحضاري عند المواطن العراقي عبّر عن نفسه من خلال تلك الانتخابات رغم الصعوبات، التي هي صعوبات مُفتعَلة لا عراقية.

ولا أريد هنا التحدث عن الأيدي العدوانية التي تريد شراً بالعراق ولا تريد لهذا البلد أن يستقر وينمو سياسيا واقتصاديا، فتحاول التخريب والعبث، لكن الإرادة العراقية أقوى بكثير من خلال حب العراقيين للحياة، ولأن تمسكهم بوجودهم على هذه الأرض أقوى بكثير من أي عدوان أو تدخل.

وسنشهد جميعا أداء هذه الانتخابات في 7 مارس المقبل، وستكون أرقى ممّا كانت عليه، وسيبني مجلس النواب المقبل على ما بناه من كان في السابق، كما أعتقد أن الاختيار سيكون أكثر توفيقاً، والشخصيات التي ستُنتخب ستكون أكثر فاعلية، وستفعل شيئاً للعراق بأكمله، وكذلك للمحافظات.

وإخوتنا النواب البصريون في مجلس النواب فعلوا ما استطاعوا، وأهل البصرة عيونهم شاخصة إلى النواب الجدد ليعملوا كثيرا من أجل أن تتغير البصرة، هذه المحافظة التي ظلمت فترة طويلة جدا من تاريخ العراق الحديث، وعانى أهلها ما عانوه من أوبئة وتلوث المياه ونقص الغاز، رغم أنها من أغنى محافظات العراق بكل شيء، لكن أهلها صبورون والخير قادم إن شاء الله، من خلال الشركات النفطية والاستثمارات، والمطالبة باستحقاقات هذه المحافظة، وقد خصصت الحكومة أخيرا مبلغا مستقطعا قدره 5 في المئة من دخل المنافذ الحدودية لمحافظتنا، وهذا شيء جيد سيمكننا من إعمار وبناء المحافظة، بالإضافة الى نصف الدولار من كل برميل نفط يتم تصديره من البصرة، لذا أعتقد أن المرحلة المقبلة ستحظى بقدر كبير من الاهتمام، وستحمل كل الخير للبصريين ومحافظتهم الرائعة.

 

• ماذا عن التجهيزات الأمنية في البصرة لحماية العملية الانتخابية المقبلة؟

- القوى الأمنية العراقية في البصرة جاهزة تماماً لحماية الانتخابات ومراكز الاقتراع، وقواتنا قادرة على مسك الملف الأمني في أحلك الظروف، وهنا لا أنسى أن أشير الى قيادة عمليات البصرة، فهي كفوءة جدا ودؤوبة، وأنا كمحافظ مسؤول عن هذه الأجهزة الأمنية، ولدي لقاءات دائمة ومستمرة لرصد الوضع الأمني، إضافة الى وجود أقصى عمليات التنسيق بين الجميع، ونحن في المحافظة والعراق عموما انتقلنا نقلة كبيرة إلى الأمام، مع محاولة أعداء العراق تخريب العملية السياسية من خلال دفع المال السياسي، لكن قدرنا أن تقف قواتنا في وجه هؤلاء للإطاحة بكل مخططاتهم.

• وماذا عن زيارتك إلى الكويت؟

- في الحقيقة، هي دعوة كريمة من الإخوة الأشقاء في الكويت، وأنا بدوري لبّيتها مباشرة، لأؤكد من خلالها لهم حرص بلدي العراق على مد جسور المحبة والصداقة مع الشقيقة الكويت، انسجاما مع ما يجمع الشعبين الشقيقين من أواصر الأخوة والعلاقات التاريخية.

وكذلك، جئت لأؤكد أن محافظة البصرة تعيش حالة من الأمن والاستقرار، وهي في طور اعادة البناء والإعمار بعد الدمار الذي لحق بها في السنوات السابقة، ولدينا فرص استثمارية جيدة في البصرة يمكن الافادة منها، وأنا شخصيا أعتقد أن الإخوة في الكويت لهم الأولوية في ذلك، لما للكويت من مواقف أخوية صادقة تجاه العراق والعراقيين.

وأحب الإشارة الى أن العراقيين، خصوصا البصريين، لديهم رغبة في المزيد من التقارب بين الكويت والعراق، من منطلق جغراقي واجتماعي وأخوي، وما حدث بين البلدين في عهد النظام البائد ما هو إلا نقطة سوداء في التاريخ، وقد ابتلي العراق بحزب البعث الذي كان يمثله صدام حسين، وما فعله في العراق وإيران والكويت من أفعال وحشية أدت إلى قطع الأواصر الممتدة مع جيراننا، لكن اليوم بعد زوال هذه الصفحة السوداء تعود العلاقات مرة ثانية على يدي القيادتين الكويتية والعراقية، لذا يغمرني الفرح بهذه الزيارة، وكلّي أمل في أن تكون فاتحة خير مع الإخوة الأشقاء في الكويت.

• ماذا يمكن عمله من خلال مبلغ الـ 5 في المئة المُستقطَع من مدخول المنافذ؟

- نستطيع أن نعمل كثيرا من خلال هذا المبلغ، وكذلك من خلال نصف الدولار الذي سيُستقطع من كل برميل نفط يتم تصديره من البصرة، فالبصرة حباها الله بثروات طبيعية كثيرة، من بينها ثروة النفط، و90 في المئة من النفط العراقي يخرج من البصرة، بالإضافة الى طبيعة تربتها الزراعية، لذا بإمكاننا عمل الكثير، وكذلك من خلال الاستثمارات ودخول رؤوس أموال تمول المشاريع التنموية من دول شقيقة وصديقة، وقد زارني في البصرة خلال تسلّمي المحافظة منذ ستة شهور الكثير من المسؤولين من كل الدول العربية والأجنبية، وكذلك شركات ورجال أعمال، من أجل الاستثمار في محافظة البصرة، ونحن بدورنا نمد أيدينا ونرحب بالأشقاء أولاً، خصوصا الكويتيين، للاستثمار في مدينتنا التي يعرفونها أكثر من غيرهم لأنهم كانوا يرتادونها أسبوعيا يومي الخميس والجمعة.  

أما ميزانية تنمية الأقاليم البالغة 220 مليار دينار، التي سيذهب نصفها لإطفاء ديون المشاريع السابقة، فلا تكفي لقطاع واحد من القطاعات الحيوية للمحافظة، وكنا نترقب الميزانية التكميلية، لكن القرار الأخير بتخصيص 5 في المئة من دخل المنافذ أسعدنا كثيرا، وجعلنا في موضع التفاؤل بمستقبل المدينة.

• هل هناك مشاريع معينة تود أن يتمّ الاستثمار فيها دون غيرها؟

- كما يعلم الجميع أن البصرة بعدما سقط النظام البائد كانت مدينة متهالكة ينقصها كل شيء، بسبب إهمالها من قِبل النظام البائد وانشغاله بالحروب والدمار والقتل، فترك البُنى التحتية للبلد منهارة في كل القطاعات، الزراعية، النفطية، الصحية، البيئية وغيرها، لذا أنا أحمل كل الملفات معي وهي مفتوحة للاستثمار سواء في بناء دور سكنية أو بناء مستشفيات خاصة، أو فنادق، أو في الزراعة، إذ كانت البصرة كما يعلم الأشقاء في الكويت محافظة الأربعين مليون نخلة، لكن ممارسات النظام البائد والحرب العراقية-الإيرانية ومن ثم اجتياح الكويت وغزوها، أدت إلى قتل النخيل ودماره، واليوم أمامنا مشكلة كبيرة في إعادة ذلك النخيل الى سابق عهده، ألا وهي المياه المالحة التي سنعمل على إصلاحها لنبدأ عملية الاستثمار في النخيل والبساتين في البصرة، والأخوة في الكويت أمامهم الطريق مفتوح للاستثمار في هذا المجال أيضا.

عموماً، أود هنا أن أقول إننا في البصرة قلوبنا مفتوحة تماما للإخوة الأشقاء في الكويت، ليساهموا في التنمية والإعمار من خلال استثماراتهم في هذه المحافظة، وهذه دعوة مفتوحة للإخوة الكويتيين من مستثمرين وإعلاميين، إلى زيارة البصرة ليقفوا على هدوئها الأمني واستقرارها، مثلها مثل بقية المحافظات في العراق.