جريمة الزيد... وجه جديد للتفاهة

نشر في 07-10-2009
آخر تحديث 07-10-2009 | 00:00
 أحمد عيسى كشف الاعتداء على الزميل زايد الزيد الأحد الماضي أننا نعيش في دولة لم نألفها من قبل، ومجتمع يخالف المتوقع، فالاعتداء الجسدي بحد ذاته جريمة، وحينما يتعرض له صحافي بسبب مواقفه، فهو دليل على تدشيننا عصر التصفية الجسدية، ومحاربة الكلمة بالفعل.

إن ما حدث للزميل الزيد يتكرر باستمرار، متى ما كان المجني عليه شخصية عامة، فقد رأينا نواباً يحمّلون الحكومة مسؤولية الحادث، وحكومة تقسم بأنها لن تهنأ بنومها حتى تضع الجناة أمام العدالة، وصحافيون يعتبرون ما جرى محاولة لتكميم الأفواه، بينما لاتزال بقية أركان الجريمة مجهولة، ومن بينها خلفياتها ومرتكبها ودوافعه.

أمامنا في حادث الاعتداء على الزميل الزيد جريمة غير مكتملة، وفرضيات كثيرة دون معلومة واحدة حقيقة، سوى أن الزميل الزيد أدخل المستشفى إثر تعرضه لاعتداء جسدي، ولأننا في الكويت، أرض الممكن دائماً، فقد وجدنا نواباً يحمّلون الحكومة مسؤولية حادث لا يعرفون ماهيته، ويتهمون كيانات هلامية غير محسوسة، وحكومة تتحمل مسؤولية جريمة تجهل أبعادها، وصحافيين رصوا صفوفهم للدفاع عن حرية التعبير، فيما ينبغي في كل هؤلاء أن يقودوا الشارع بناء على وقائع لا فرضيات، إلا أنهم مع ذلك بنوا مواقفهم على الفرضية القائلة إنه طالما تطرق الزميل الزيد لملفات الفساد، فحتماً هناك فاسد أراد إسكاته، هكذا بكل تفاهة وتسطيح، ودون انتظار استكمال التحقيق قبل اتخاذ الموقف.

لن أذهب بالاتجاه المشكك في جريمة الاعتداء أو التقليل من شأنها، لأن الاعتداء على أي شخص بسبب انتمائه أو مواقفه مرفوض بالمطلق، أو ذاك الذي يتطرق للزميل الزيد ومواقفه ودوافعه، لأنه بالنهاية مواطن كويتي يتحرك بحسب ما يراه الأصلح لوطنه، ولكن يجب التروي ومعرفة الوقائع قبل بسط الاتهامات في سوق المزايدة.

في الكويت اليوم، وبسبب الانفلات الأمني، مئات جرائم الاعتداء الجسدي تقيَّد شهرياً في مخافر الشرطة، وآلاف الجرائم المقيدة ضد مجهول، ومن بينها حادثة النائب السابق حمد الجوعان التي شبه كثيرون حادثة الزميل الزيد بها، لكن المستغرب فعلاً تسخير الدولة إمكاناتها كافة لحل هذه الجريمة، فقط لأن المعتدى عليه شخصية عامة، وهو ما يكشف مرض العقلية التي تدير الدولة، إذ يرسخ نمط الإدارة هذا مبدأ لدى المواطن البسيط مفاده وجوب أن تكون مشهوراً لتتحرك أجهزة الدولة في قضيتك، وتحصل على أفضل رعاية طبية، وتكون مشكلتك محل متابعة رسمية عالية المستوى، أما إذا كنت خلف الكاميرا فعليك الإكثار من الدعاء لتخرج بأقل الأضرار الممكنة.

حادثة الزميل زايد الزيد، لم تمسه وحده، بل مستنا كمجتمع، وكشفت وجهاً مقيتاً لأجهزة في الدولة وقيادييها، معالمه أننا نعيش في دولة مشاهير لا يقبلون المساس والتشكيك، أما من عداهم فعليهم الانتظار لتتفرغ لهم أجهزة الدولة المشغولة في متابعة قضايا من هم أكثر أهمية منهم.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top