«الثقافات... ثياب الزمن» كما أعتقد، يبدّل بينها في المناسبات، ويرميها إذا تهتّكت ليرتدي غيرها. وكان شعراء الجاهلية يتغزلون بالبنت الكسول، ويعشقون التي تنام إلى الضحى، وها هو عم الشعراء وسيدهم امرؤ القيس يمتدح خصال محبوبته فيقول : «نؤوم الضحى»، ويمتدح شعرها المسدول المجدول إلى ظهرها «كقنو النخلة المتعثكلِ»، وتعال اشرح معنى «متعثكل» أو حتى «قنو». وبالمناسبة، قصائد المعلقات أفلام رعب، أي والله، شوف أخانا امرأ وهو يقول «مهفهفة مستشزرة مش عارف ايش كالسجنجلِ»! يا عمي شفيك الله يحفظك، ناقصين حوادث؟ ويقول أيضا: «عقنقلِ». يالله معلش هذه هي الدنيا، مرة سجنجلِ ومرة عقنقلِ، وأنت ونصيبك. ويا سلام لو أن يابانياً جاء متحمساً ليتعلم اللغة العربية وكان الدرس عن معلقة امرئ القيس، إعدام، عليّ النعمة لنسمعنّ بكاءه من على بعد كيلو، وسيخرج من باب الفصل وهو يمسح دموعه ويغمغم: «وربي كلكم عقنقلِ ليس فيكم تكانة»... إذاً العرب الأولون كانوا يحبون المرأة النؤوم العاطلة عن العمل، المكتنزة، المترجرجة، فجاءت أجيال تحبها رشيقة، لهلوبة، رئيسة قسم، أو مدرّسة إذا كانت قبليّة.

Ad

تغيّرت الأمور بسرعة كما تغيّرت مواقف النائب سعدون حماد من الفحم المكلسن بعدما «أقنعوه»، وتغيّرت النساء، وتغيرت أذواقهن، وتغيّر الرجال وأذواقهم، إلا شيئاً واحداً بقي كما هو لم يتغيّر: «عشق الرجال للمرأة الدلّوعة». وأجزم أن رجلاً لا يروقه دلع المرأة ليس رجلاً، بشرط أن يكون دلعها تلقائياً، دلع من المصنع الرباني، غنج شدّ بلاده، لا تزوير فيه ولا تحوير. وما أجمل المرأة ناعمة الألفاظ رقيقة الحروف، فحرفا الظاء والضاد ليسا للنساء، أبداً، هما حرفان خُلقا لنا نحن الحرافيش، أما هن فحرف «الذال» يقوم بالواجب وأكثر، وما أبشع كلمة «ظهري» في لسان الصبية وما أجمل «ذهري»، وما أسوأ كلمة «أخضر» وما أرق كلمة «أخذر»، وياه على كلمة «أخذر» كم أشعلت حرائق وأيقظت براكين في صدر أحدهم عندما مرّت على مسمعه من الصبية الجالسة في الطاولة المجاورة.

ولو استشارني أحد عن مواصفات الزوجة لنصحته أن يكتب لها كلمة «أخضر» ويطلب منها قراءتها، فإن قالت «أخذر» فخير البر عاجله، وإن قالت «أخظر»، بالظاء الثقيلة الخبيثة، فليرفسها أو فليخنقها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

ويا أيتهننّ النسوة، على رأي خالد النفيسي رحمة الله عليه، أنتن الجمال في هذا الكوكب، أنتن الإشراقة، الابتسامة، البهجة، المتعة، فدعنَ السياسة وغرابيل السياسة ومعارك السياسة لنا، نحن التماسيح، فأنتن إن اقتحمتن السياسة عككتن عكّاً ليس كمثله عك، كما فعلت وتفعل النائبة سلوى الجسار، فمواقفها كارثية، وتصريحاتها أكرث، واللهم إنا لا نسألك رد حكم «القضاء» بل نسألك الاستعجال فيه كي نخلص.