عندما تقبل بريطانيا الإهانة!

نشر في 24-12-2009
آخر تحديث 24-12-2009 | 00:00
 صالح القلاب لا أكثر شعوراً بالدونية من أن يستجدي رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وزعيمة حزب "كاديما" المعارض تسيبني ليفني، التي أصدرت محكمة بريطانية بحقها أمر اعتقال، ويقول لها إنه مرحبٌ بها في بلاده في أي وقت، وإنه مصمم على تعديل القانون الذي أصدرت بموجبه هذه المحكمة أمر الاعتقال "للحؤول دون حصول ملاحقات مماثلة في المستقبل".

إن هذا يدل على كم أن هذه الدولة، التي وفقاً لوعد بلفور هي التي أنشأت الدولة الإسرائيلية، تتضاءل أمام إسرائيل، ولا يخجل رئيس وزرائها الذي هو غوردن براون من أن يلقي من أجل عيون تسيبني ليفني بالأوامر التي تصدرها محاكم دولة عريقة في سلة المهملات، ولا يجد من يعترض على ما فعله لا في الصحافة ولا في مبنى البرلمان الذي من المفترض أنه حارس العدالة وحارس أحكام المحاكم البريطانية.

وبالطبع وللمزيد من الإصرار على إهانة أوامر المحاكم البريطانية، فقد ردت ليفني على استجداء براون لها بتصريح جافٍّ قالت فيه بلهجة متعالية مفعمة بالتبجح، إنها لا تشعر بالأسف لأنها شاركت في اتخاذ قرار العملية العسكرية "الرصاص المسبوك" ضد قطاع غزة "لوقف الاعتداءات الإرهابية! التي حققت أهدافها".

وهنا فإن ما يؤكد أن هناك قراراً باهانة بريطانيا وإهانة قضائها ومحاكمها، رغم توسلات براون لوزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة، أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان المعروف بوقاحته المستمدة من مهنته السابقة قبل أن يهاجر إلى فلسطين حيث كان يعمل حارساً لملهى ليلي قد هدد البريطانيين وتوعدهم وقال: "إنني أعتقد أنهم يدركون أن ما قاموا به سيقود إلى رفع شكاوى مماثلة ضد شخصيات بريطانية مسؤولة على خلفية مشاركة قواتهم في قوات حلف الأطلسي في الحرب في أفغانستان والعراق.. وربما يأتي لاجئ أفغاني ويتقدم إلى محكمة إسرائيلية بشكوى.. إنني أعتقد أنه من مصلحة بريطانيا وليس من مصلحة إسرائيل تغيير الوضع القائم".

وحقيقة إن ما قام به براون وما قام به وزير خارجيته ديفيد ميليباند الذي اتصل بدوره بليبرمان وبليفني واعتذر عن أمر الاعتقال هذا الذي أصدرته المحكمة البريطانية، واعتبره "غير مقبول بالنسبة له وبالنسبة لعدد من أعضاء حكومته" وأنه سيعمل على إيجاد حلول لمنع تكرار ما حصل... والسؤال هنا هو: هل أن بريطانيا يا ترى ستتحول إلى ما يشبه الدجاجة المذعورة لو أن الأمر لا يتعلق بمسؤول إسرائيلي بل بمسؤول عربي أو مسؤول مسلم؟!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top