آمال: ليلى في العراق لا تتسوق الهبّاشون

نشر في 08-04-2010
آخر تحديث 08-04-2010 | 00:00
 محمد الوشيحي العراقيون يقولون: المستقبل للعراق، وأنا أقول: أحلق ذراعي إذا استطاع أحد التمييز بين مستقبل العراق وماضيه. يقولون: مستقبله مشرق باسم، وأنا أقول: مستقبله مشرق كالفحم، وباسم كابتسامة الأرملة البائسة عندما يطرق بابها صاحب البناية ليستوفي الإيجارات المتأخرة. لن يفلح العراق، ولن يفلح بلد يتخانق أبناؤه على قماشته، وكل قماشة تتجاذبها الأيدي ستتمزق. واسألوا الكويتيين، واسألوا المصريين واللبنانيين.

والعراقيون عندهم أحمد الجلبي الذي «يستفيد» من أموال الاستثمارات ويفتتح بها صحيفة يهاجم بها الشرفاء، ويمزق الشعب. والعرب مثل القرطاس، والعراقيون أسوأ القراطيس، يسهل تمزيقهم وتفريقهم. والروائيون العالميون يزعمون أن «أشرس الناس وأكثرهم هوساً بالعراك والخناق هم شباب نابولي في إيطاليا، ومراهقو مكسيكو سيتي»، وعلي النعمة لو أن الروائيين هؤلاء سمعوا عن «نينوى» و»الأعظمية» و»الناصرية» لمزقوا رواياتهم، ولكتبوا: «الخناق في العراق لا يقتصر على الشباب والمراهقين، في العراق حتى النساء يسلّين أوقاتهن بالعراك... في العراق، الخناق، مثل التدخين، لتزجية الوقت».

واليوم كردستان رفعت علمها ولوحت بيدها الكريمة وحملت متاعها ورفعت قضية خلع، وغداً ستتبعها مدينة الرمادي، وبعد غد ستودّع الناصرية جيرانها... والمستقبل للعراق. أي مستقبل للمرضى يا عمنا؟ العراق مريض منذ ما قبل الحجاج إلى يوم يبعثون؟ حتى الأهبل بن الأهبل قيس بن الملوح يعترف: «يقولون ليلى في العراق مريضة، فيا ليتني كنت الطبيب المداويا»، هو لم يقل إن ليلى في العراق ترقص، أو تتسوق، أو تتمشى على ضفاف دجلة ببنطلون ضيق، أو ترسم «تاتو» على كتفها استعداداً للقاء حبيبها، بل قال «مريضة»، ليش؟ لأنها في العراق، والعراق ملوث بفعل غالبية ساسته وشعبه، بعيد عنك. ولأن قيس أهبل ولقبه المجنون فهو يتمنى لو أنه كان موجوداً بجانبها يداويها ويدغدغها وينغنغها، وأنا والله لو كنت مكانه لتركتها هناك بين المالكي والجلبي وأتباع الزرقاوي وأتباع الشاب الموهوب مقتدى الصدر وبقية الصحبة الصالحة، تتدبر أمرها.

«المستقبل للعراق»، يقول السياسيون ذلك وهم يهبشون الفلوس ويهبرون أموال النفط ويستثمرونها في الأردن ولبنان، لأنهم يعلمون أن الحديث عن مستقبل للعراق هو طق حنك، ليس إلا.

وخذوها مني ثم حاسبوني عليها: لن يستثمر أحد في العراق إلا حكومة الكويت. والكويت لن تنتظر أرباحاً من مشاريعها في العراق، لكنها تستثمر هناك وهي ترتجف كما يرتجف العصفور تحت ليل يناير البارد وأمطاره، وينتظر الشمس، ولن تشرق شمس من جهة العراق أيها العصفور، وليس أمامك إلا أن تتحول إلى نسر بمخالب كالسكاكين وجناحين عملاقين، أو على الأقل فلتكن عصفوراً بقلب نسر. 

back to top