تقدَّم النواب أحمد السعدون ومسلم البراك وخالد الطاحوس والصيفي مبارك، والدكتور حسن جوهر بقانون، بشأن انعقاد الجلسات متى اكتمل النصاب القانوني، دون أن ينال من صحة انعقادها أن يكون جميع الأعضاء الحاضرين من غير الوزراء.

Ad

وما تقدم به السادة النواب موضوع شائك ومعقد، إذ تنص المادة 116 من الدستور على التالي:

«يُسمع رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مجلس الأمة كلما طلبوا الكلام، ولهم أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو ينيبوهم عنهم. وللمجلس أن يطلب حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعلق بوزارته. ويجب أن تُمثَّل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها».

ويزيد الأمر تعقيداً وتشابكاً في ما نصت عليه المادة 116 من الدستور «بوجوب» تمثيل الحكومة في جلسات المجلس، ما حددته المادة 97 من الدستور بشكل واضح وقاطع، بشأن ما ينال من صحة انعقاد الجلسات، إذ تقول: «يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه... إلخ».

ويحمل الأمر تفسيرات دستورية مختلفة لسنا أهلاً للخوض فيها أو الإفتاء في ما لا نفقه فيه فقهَ المتخصصين، لكننا إذا نظرنا إلى الجانبين السياسي والأخلاقي منه فسنجد أن الحكومة -والحكومات السابقة- أساءت استعمال المادة 116 من الدستور، وإذا أرادت أن تبطل أي جلسة أو تعطل بحث موضوع ما يتغيب أعضاؤها عن الحضور، فلا تعقد الجلسة، وبذلك تحولت تلك المادة الدستورية إلى سلاح «الفيتو» الذي تملكه، ولها الحق في استعماله متى شاءت.

إن من الأخلاق السياسية أن تحضر الحكومة أي جلسة للمجلس، سواء كانت مؤيدة أو معارضة لموضوعها، وتواجه وتبدي رأيها، وتمارس حقها في الانسحاب من الجلسة، وهو سلوك أرقى من عدم حضورها وتغيبها، لأنه هروب يُضعف صورتها أمام الناس، كما يزعزع ثقتهم بقدرتها على المواجهة والإقناع.

لا نظن أن القانون المقدم من السادة النواب سيَمرّ بسهولة، بل ستتصدى له الحكومة، وقد تحيله إلى المحكمة الدستورية؛ لأنه شائك ومعقد، كما أنه إعلان رسمي لتجريدها من سلطة «الفيتو» التي تملكها، والتي أساءت استعمالها أكثر من مرة، وستكرس سابقة بالغة السلبية والخطورة في الممارسة الديمقراطية والنيابية الكويتية في المستقبل.