إن تعددية التعبير البصري ستقود كذلك الفنان السوري الراحل عبد القادر أرناؤوط بعد اكتشافه إشارات الألماني بول كلي، كطريقة للمزاوجة «الأصلية بين الحساسية الشعرية والتشكيلية»، خاصة أن بول كلي كان يستثمر عدة الشرق العربي الإسلامي من الزخارف والنقش والموتيفات الحضرية من نواظم التراث التنزيهي في الزخرفة ومنمنمات المخطوطات، كما يعبّر الناقد والفنان التشكيلي أسعد عرابي.
لقد ذهب عبدالقادر أرناؤوط المفتون بالشعر من الكلمة القصيدة إلى الكلمة المخطوطة، وبنوع من الوله والتقشّف كان يخطط قصائده لإبراز كلمة القصيدة.إن العلاقة بين الشعر والتصوير في العالم العربي، أخذت حيزاً لا بأس به، فيوماً بعد يوم نرى نوعاً من التشارك الخلاق بين عناصر هذين الفضائين عبر رغبة الشعراء والفنانين لدفع التجربة إلى مدى أوسع، فضياء العزاوي اشتغل على أعمال أدونيس وسعدي يوسف ومحمود درويش وقاسم حداد، إلخ...بينما نجد قراءات الشعراء للتجارب التشكيلية على نحو دائم، وهناك من الشعراء من يمسك بطرفي المعادلة كالفنان التشكيلي والشاعر أحمد مرسي المقيم في نيويورك، تجربة الفنان والشاعر سمير الصايغ منذ السبعينات من القرن الماضي، والراحل محمد القاسمي والفنان العراقي أرداش، وصولاً إلى الشاعرة والفنانة ميسون صقر القاسمي في الإمارات، وها هو أدونيس الشاعر تقوده التجربة إلى ما يسمّيه بـ»الرّقيمات» وهي ابتكارات كولاجية-بصرية يستخدم فيها الكتابة كخلفية لونية، وهناك بالطبع تجارب أخرى تدخل في سياق ما أتحدث عنه.كتب جبرا إبراهيم جبرا وكان رساماً أيضاً في مقالة شيقة، «الرسام شاعراً» عن أرداش «شاعرية أرداش هي أنه يكتب الشعر كما لا يكتبه رسام، إنه يتسقط الكلمات بالعين لا بالذهن، فيقذفها صوراً لا جملاً وتتناثر المعاني في كل صوب».حضرت في نيويورك معرضاً للفنان الألماني أنسيلم كيفر، بلوحاته الرمادية الضخمة الشبيهة بالجداريات، وكانت مستوحاة من قصائد الشاعر باول سيلان، هكذا يتمّ تبادل الإشارات من ضفة إلى أخرى.
توابل
الشعر والتشكيل ملامح عامة 3-3
19-05-2010