آخر ما قاله "أبومازن" لجورج ميتشل هو أن كل شيء يقترحه الأميركيون بالنسبة إلى استئناف المفاوضات سوف ينقله إلى العرب ليقولوا رأيهم فيه، فالقرار، وفقاً لما قاله الرئيس الفلسطيني للموفد الأميركي، للعرب لأن القضية الفلسطينية قضية عربية، ولأن المفاوضات إن استؤنفت فإنها سوف تتركز على المبادرة التي تبنتها قمة بيروت في عام 2002، والتي هي المشروع العربي الذي جرى تبنيه في اجتماع " أنابوليس" الشهير.
الآن هناك، حسب ما جاء به ميتشل في جولته الأخيرة هذه، حديث عن ضمانات أميركية لمعالجة مسألة إصرار الفلسطينيين على ضرورة وقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات، لكن كل ما قاله المبعوث الأميركي للرئيس الفلسطيني في لقائهما هو مجرد كلام عام وفضفاض، ومجرد وعود كانت قد قيلت أكثر من مرة وبقيت كلاماً لم يأخذ منه الإسرائيليون ولا كلمة واحدة، ولم يتعاطوا معه بصورة فعلية وجدية.تحدث ميتشل في رام الله عن خطوات حسن نوايا سيقوم بها الإسرائيليون قبل استئناف المفاوضات، من بينها إطلاق سراح عدد من الأسرى المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وإعادة بعض المناطق في الضفة الغربية إلى سيطرة السلطة الوطنية، وكان رد الجانب الفلسطيني ان هذا مرحب به وضروري، لكن الأساس يبقى أنه قبل استئناف المفاوضات لابد من وقف الاستيطان، ولابد من تحديد مرجعية لهذه المفاوضات، والمرجعية المقصودة هي حدود الرابع من يونيو عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية.وهنا فإن ما تجدر الإشارة إليه هو ان ميتشل قد قال للجانب الفلسطيني إن تصريحات باراك أوباما إلى مجلة تايم الأميركية قد قُرأت بصورة خاطئة، وإن الموقف الأميركي، خلافاً للانطباعات والاستنتاجات التي استجدت بعد هذه التصريحات، لا يزال على ما هو عليه، وإن حماس واشنطن لم يفتر، وإن القول إنه كانت هناك مبالغة في القدرة على إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين باستئناف مفاوضات سلام ذات معنى هو مجرد تشخيص لواقع الحال قبل بدء محادثات جادة في هذا العام.في كل الأحوال وسواء أكان هذا الذي قاله ميتشل صحيحاً ويعكس الحقيقة أم هو مجرد دغدغة للعواطف، ورسم صورة مشرقة ولكن غير واقعية، فإن ما هو مؤكد أن هذه المرحلة هي أدق وأصلب وأخطر مرحلة تمر بها القضية الفلسطينية، مع أن كل تاريخها خطير وكل مراحلها صعبة وقاسية، وهذا يستدعي وحدة موقف عربي، ويستدعي ألا يقال للفلسطينيين: "اذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا إنا هاهنا قاعدون".قد يكون هناك اختلاف لا خلاف بشأن أهمية هذه الضمانات التي يتحدث عنها الأميركيون، وعن الطريقة التي يجب أن يتعامل بها الفلسطينيون مع هذه الضمانات، لكن ومع ذلك فإن هذا يقتضي وحدة موقف ووحدة تصور، وعدم ترك "أبومازن" ليجتهد ويفعل ما يشاء، ثم بعد ذلك يبدأ اللوم وتبدأ الاتهامات، على غرار ما حدث بالنسبة إلى تقرير غولدستون الشهير والمعروف.
أخر كلام
مرحلة تقتضي وحدة الموقف
24-01-2010