سقطت طائرة الكابتن الأميركي مايكل سكوت سبايكر في 17 يناير في غرب العراق، وكان حينئذ يقود طائرته الاف 18 هورنت، واعتبر بذلك أول ضحية أميركية أثناء حرب تحرير الكويت، وفي عام 1993 كان عدد من هواة القنص القطريين، يمارسون هوايتهم في غرب العراق، فاكتشفوا بعض المتعلقات التي سلموها، وفحصتها البحرية الأميركية لتثبت أنها من طائرة سبايكر. وفي 1995 أرسل وفد من فريق مختص من خلال الصليب الأحمر للبحث في ذات المنطقة، لكنه لم يعثر على شيء. وظلت الأنباء عن الكابتن سبايكر متضاربة، لدرجة أن الجيش الأميركي غيّر صفته من ميت الى مفقود، وتمت ترقيته الى أكثر من رتبة بناء على ذلك، استناداً إلى أنباء عن وجود اسمه مكتوبا على حائط أحد السجون العراقية. يوم الأحد الماضي أعلنت البحرية الأميركية أنها عثرت على رفات سبايكر، وقد دل عليه مجموعة من الغنامة، أكدوا أنهم دفنوه عند سقوط طائرته، وأنهم تذكروا ذلك أخيرا.

Ad

بناء على ذلك فقد صرح الأدميرال جاري روجهيد قائد العمليات "إننا لن نوقف البحث عن رفيق سلاح مهما طالت المدة ومهما كانت الصعوبات، إننا مدينون للكابتن سبايكر وأسرته للتضحيات التي قدموها، وإنهم كانوا نموذجا يحتذى به في الإخلاص والتفاني"، كما صرحت سندي لاكويدار الناطقة باسم عائلة سبايكر "بأن الأسرة فخورة بالطريقة التي تعاملت بها وزارة الدفاع مع مطالبنا بألا يوقف البحث، وهاهم قد أوفوا بوعدهم".

وقد أثيرت العديد من التكهنات بشأن سبايكر عام 2002، خالقة أزمة سياسية، وبعد سقوط صدام 2003 غاص فريق مشترك من "السي آي أي" و"الدي آي أي" في أعماق الوثائق التي حصلوا عليها، وحققوا مع المساجين العراقيين لتحديد مصير سبايكر من دون جدوى. يبقى أن نعلم أن سبايكر هو أول مفقود وآخر ملف للأميركان المفقودين في العراق منذ 1991.

وبعد سقوط نظام صدام في 2003 قمنا بعشرات الزيارات لمناطق عدة في العراق مع منظمات إنسانية دولية، وكنا حالما نكتشف مقبرة جماعية نبلغ بها جهات الاختصاص الكويتية، التي تتجاوب عادة لفحص الرفات، وتحديد إن كانت من الأسرى أم لا، وكانت هناك جهات عدة تقوم بذات الجهد، ما أسفر عن الكشف عن مصير العديد من أسرانا. إلا أن تباطؤاً مقلقاً سيطر على الموقف في السنوات الأخيرة، فمن غير المفهوم أن يظل الملف حتى هذه اللحظة مفتوحا، خصوصا مع أولئك الأسرى الشهداء الذين ثبت لنا بالدليل القاطع أنهم كانوا في قبضة السلطات العراقية. من أمثال يوسف المشاري وفيصل الصانع وعبدالوهاب المزين وغيرهم كثير. فهل نحتاج إلى تغيير اسم يوسف إلى جوزيف وفيصل إلى مايكل وعبدالوهاب إلى جون حتى نعرف أين هم؟

لن نفتح ملف الإخفاقات المخجلة في قضية الأسرى، فلذلك مقام آخر، ولكني تمنيت أن يكون الاهتمام بأسرانا ومفقودينا هو قضيتنا الأولى، متقدمة على التعويضات، والديون، ولكن ذلك لم يحدث، ولن يحدث، فأغلبية من يتحدثون عن الملف يكررونه على سبيل المجاملة، لأنها قضية إنسانية.

من المفترض أن يكون الإنسان في المقدمة، لاسيما إن كان إنسانا قدم حياته فداءً لوطنه، ولتكن حادثة الكابتن سبايكر نموذجاً.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء