يرى بعض القريبين من الأجواء المحيطة برئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أن مشروع زيارة الأخير الى العاصمة السورية يصطدم يوما بعد يوم بأجواء داخل الطائفة الدرزية ترفض سياسة الشروط التي تفرضها القيادة السورية بصورة غير معلنة رسميا على رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي من أجل استقباله وطي صفحة الماضي بين الجانبين.

Ad

وبحسب بعض الإشارات الخجولة التي تتسرب من جانب القيادة الروحية الدرزية التي قلما تجاهر بمواقف سياسية من الملفات المتداولة، فإن عددا من كبار مشايخ الطائفة بات يعتبر أن الشروط السورية تقارب "الإذلال" الذي لم يعد يستهدف النائب جنبلاط فحسب وإنما بات يستهدف الطائفة الدرزية كلها.

ويبدو أن بعض القادة الروحيين والسياسيين الذين كانوا حتى أمس القريب في الخانة السياسية المعارضة لجنبلاط يبدون امتعاضا من تأخر الزيارة، ويعتبرون أن المشكلة في إتمام الزيارة لم تعد مشكلة جنبلاطية بعدما أخذ رئيس اللقاء الديمقراطي بالنصائح التي اسداها إليه حلفاء سوريا داخل الطائفة الدرزية وخارجها بترك تحالف قوى 14 آذار والتصالح مع حزب الله وغيره من حلفاء دمشق في لبنان.

وبحسب المعلومات فإن عددا من السياسيين المتحالفين مع دمشق نقلوا الى القيادة السورية الأسبوع الماضي أجواء الامتعاض السائدة داخل الطائفة، لافتين المسؤولين السوريين الى أن المضي قدما في سياسة فرض الشروط تلو الشروط على جنبلاط ستنتهي بتفجير أجواء شديدة التعصب داخل الطائفة التي تعتبر أن حدود التنازلات في اية مفاوضات تقف عند حدود "الكرامة".

ولعل أكثر ما يرفضه بعض المشايخ الدروز هو الاعتذار العلني من القيادة السورية على ما صدر من مواقف في حقها عن جنبلاط خلال فترة المواجهة مع سورية، معتبرين أن مواقف جنبلاط جاءت ردا على مواقف صدرت عن القيادة السورية تارة باتهام جنبلاط بالعمالة للولايات المتحدة وإسرائيل، وتارة أخرى بمجازر حرب الجبل وغيرها. ويرى هؤلاء أن ما ذهب اليه جنبلاط في محاولته رأب الصدع مع سوريا كاف، وبات على القيادة السورية أن تلاقيه في منتصف الطريق، لأن المضي قدما في سياسة فرض التنازلات عليه لمصلحة حزب الله ( الشيعي) والنائب ميشال عون (المسيحي) والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث الإشتراكي (العلمانيين المتحالفين مع سورية) ورئيس تيار التوحيد وئام وهاب (الدرزي) وصولا الى رئيس الجمهورية السابق إميل لحود (المسيحي)، بعد الفك العملي للتحالف بين الطائفتين الدرزية والسنية من خلال التمايز بين جنبلاط وتيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة سعد الحريري يعني كسر هيبة الزعامة الدرزية أمام كل الطوائف اللبنانية الأخرى، وتعرية الطائفة من تحالفاتها ووضع مصالحها ومستقبلها رهن إرادة الآخرين ومشيئتهم.

وبحسب بعض المتابعين عن قرب لخطوات جنبلاط فإن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي بات يشعر بأنه بين فكي كماشة، وبأن الطوق بات يضيق حول هامش حركته، ذلك أن ما دأب على اتخاذه من خطوات منذ ما بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة بهدف توسيع الخيارات المتاحة أمامه في التعاطي مع الواقع اللبناني، ينقلب عليه مزيدا من الحصار السياسي الذي يدفع بالمحيطين بجنبلاط الى ممارسة الضغط عليه من أجل إعادة وصل ما انقطع مع حلفائه السابقين وترميم الجسور التي انقطعت معهم، والتوقف عن سياسة التنازلات "المهينة" التي أثبتت عدم جدواها في تحقيق مكاسب سياسية لجنبلاط وطائفته.