على الرغم من كل شيء، فإن المرء يجد نفسه مجبرا على التعاطف مع المتهمة في حريق الجهراء الكارثي الذي أودى بحياة العشرات من النساء والأطفال، هذا على الأقل ما أشعر به وما ألمسه من حديث كثير من الناس رغم إدراكي وإدراكهم فداحة ما قامت به من عمل دنيء بكل المقاييس، مهما كانت الأسباب أو المبررات التي دفعتها للقيام بذلك.

Ad

ومصدر التعاطف معها، أو الإشفاق عليها لنكون أكثر دقة، هو التصور بأنها ضحية قبل أن تكون مذنبة، ضحية غضب أحمق لا يغتفر، وغباء وصل إلى أدنى ما يمكن أن يصل إليه عقل إنسان، والحمق والغباء لا علاقة لهما بالبراءة في معظم الأحيان، بل بسببهما ترتكب جرائم في حق البشرية نرى آثارها كل يوم في نشرات الأخبار... فكل المصائب والكوارث في العالم سببها الحمقى والأغبياء في هذا العالم!

يقال إن أول الغضب جنون... وآخره ندم، وفي حادثة حريق الجهراء تجاوز الغضب حد الجنون بمراحل، وجلب للجانية ندما لا يعلم مقداره إلا الله، أكاد أشعر بها الآن وهي تتمنى بضمير معذب لو أنها لم تستسلم لغضبها في تلك الساعة المشؤومة، وأنها قد قبلت بالأمر الواقع ورضيت بقسمتها ونصيبها بهدوء، بعيدا عن غضب يتحول إلى نار عمياء تحرق كل ما حولها من البشر... الأبرياء منهم قبل المذنبين!

والجانية ليست حالة استثنائية في وطننا، فنحن شعب غاضب على الدوام، تفلت أعصابه ويصل إلى مرحلة الجنون لأتفه الأسباب، حتى ليكاد أحدنا أن يقتل الآخر لمجرد أنه «خزه» بنظرة، وانظروا إلى أسباب المعارك الطاحنة التي تدور بين شبابنا، والتي تنشرها الصحف كل يوم لتتأكدوا من صحة كلامي، فالغضب يسيطر على ساكني هذه الأرض دون سبب منطقي أو معقول بالمرة... الأمر الذي يجعلك تتساءل بدهشة: أهو الجو الخانق في أكثر أوقات السنة؟ أم هي الضغوط الاجتماعية والسياسية والدينية التي نعايشها يوميا؟ هل هو الغرور الزائد الذي امتلأت به ذواتنا؟ أم هو قلة الوعي والجهل الدائم بعواقب الأمور؟!

عموما ما حصل قد حصل، والأهم هو عدم تكراره، وسواء اعتبرت الجريمة قتلا عمدا أو بنية الحريق لتخريب العرس، على القضاء أن يغلظ في العقوبة بحجم ما ارتكب من ذنب، وما نتج عنه من أثر، حتى إن تم التيقن من أن المتهمة لم تقصد قتل أحد، لأنها بفعلتها هذه قد استنت سنة سيأتي من بعدها من يصنع صنيعها إن لم ير العقاب الرادع ماثلا أمامه، ورغم إشفاقي على الجانية وإدراكي أنها لم تتصور أن ينتج عن فعلها كارثة إنسانية بمثل هذا الحجم، فإنني أتمنى أن يكون في عقابها عبرة لمن يعتبر، فأرواح البشر ليست رخيصة لدرجة أن تمحوها لحظة غضب مجنونة!

***

خبر خطير نشرته بعض الصحف قبل أيام... جاء فيه أن التحقيقات التي أجراها رجال مباحث خيطان مع حارس مدرسة البنات المتهم بخطف واغتصاب الفتاة الإندونيسية أثبتت أن لديه شريكين آخرين ساعداه في استدراجها، وهما يعملان حارسين أيضا... وأحدهما- بارك الله فيه- حارس لدار القرآن! وقد جاء في أقوال الجاني أنه قد سبق له أيضا معاشرة فتاة فلبينية داخل غرفة حراسة المدرسة عدة مرات ولم يعرف بأمره أحد!

- حقيقة لا ندري ماذا نقول لوزارة التربية التي تأتي بكل من هب ودب من المتردية والنطيحة لتسلمه مهمة حراسة المدارس دون شروط أو ضوابط مسبقة، وكيف سيطمئن الناس على فلذات أكبادهم بعد قراءة هذا الخبر، وهم في عهدة هذه النوعية «المحترمة» من المجرمين؟ وكيف ستكون حالتهم النفسية لو شاءت الظروف أن يتأخروا عن تسلم أطفالهم من المدرسة لبضع دقائق؟!

أسئلة نتمنى أن نجد لها أجوبة مقنعة من المسؤولين في وزارة التربية!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء