الحكومة وأطفالها المدللون!

نشر في 29-06-2010
آخر تحديث 29-06-2010 | 00:01
حكومتنا مع شديد الأسف أم خائبة أفسدت أطفالها بالدلال الزائد والتلبية المستمرة لرغباتهم ومطالبهم الزائدة عن الحد، وخوفها الشديد من أن يصرخ أحدهم بوجهها، ولذلك فتحت لهم «حنفيتها المباركة» ليتجاوزوا بها كل قوانين الدولة.
 حمد نايف العنزي الحب الشديد والدلال الزائد للطفل من شأنه أن يفسده ويجعله كتلة من الأنانية والعناد وقسوة الطباع، فيتخذ على الدوام من حب والدته ودلالها ذريعة ووسيلة لارتكاب أفعال غير مرضي عنها، ومصدر إزعاج لكل من هم حوله، فلا يلهو لهواً بريئاً كباقي أقرانه، ولا يكفُ عن الأنين والضجيج طوال الوقت، ولا تنتهي طلباته التي لا حد لها أبدا!

فلا يتم الثالثة أو الرابعة من عمره حتى يتميز سلوكه بالفوضى والأنانية والرغبة في التسلط، فلا يستجيب لأي توجيه من أحد ويصر على تنفيذ ما يريده فقط، فيحتج على كل ما هو أمامه، ويطلب من الآخرين أشياء كثيرة غير معقولة محاولا فرض رأيه عليهم بلا احترام لحق من حقوقهم، وهو على ذلك، قليل الصبر والتحمل للضغوط، تصيبه نوبة من الصراخ والبكاء والغضب، عند أبسط موقف يتعارض مع رغباته واحتياجاته!

وسبب ذلك هو تساهل والدته معه وعدم سيطرتها واستسلامها الدائم لثورات بكائه وغضبه، لأنها- بتربيتها الخاطئة-لا تفرق بين احتياجات الطفل الحقيقية كرغبته في تناول الطعام، وأهوائه كطلبه المستمر للعب مثلا، ولأنها تخشى كثيرا جرح مشاعره وسماع صراخه وبكائه تجدها تلجأ لأسهل وأسرع الحلول، فتفعل أي شيء لتمنع طفلها من ذلك، غير مدركة أن ذلك قد يتسبب في صراخه وبكائه بصورة أكثر وأكبر على المدى البعيد، حتى تصبح عادته الأثيرة في الحصول على ما يريد وقتما يريد، وكلما منح هذا الطفل المدلل قدراً أكبر من الحرية ازداد أنانية وتسلطا وقلة أدب لا نظير لها!

وحكومتنا مع شديد الأسف أم خائبة أفسدت أطفالها بالدلال الزائد والتلبية المستمرة لرغباتهم ومطالبهم الزائدة عن الحد، وخوفها الشديد من أن يصرخ أحدهم بوجهها، ولذلك فتحت لهم "حنفيتها المباركة" ليتجاوزوا بها كل قوانين الدولة، ويكسروا أنظمتها دون خوف من حساب أو عقاب، وليقفزوا على مبادئ العدل المفترض أن تشمل جميع المواطنين على السواء لا أن تخصهم وحدهم دون العالمين، حتى استمرؤوا ذلك وظنوه حقا من أبسط حقوقهم!

فإذا جاء وزير نظيف شريف ليقف في وجوههم معترضا على فوضويتهم، محاولا فرض القانون عليهم، وعلى من يستظل تحت مظلتهم، مطبقا مبدأ تكافؤ الفرص للجميع، غير عابئ بكل ما يصدر عنهم من تهديد وابتزاز، رافضا تمرير معاملاتهم من تحت الطاولات بشكل غير قانوني، غير مكترث لأي تصعيد من الممكن أن يلجؤوا إليه، ومصرا على أن تمر كل معاملة عبر قنواتها المعتادة التي تسير فيها باقي المعاملات، وقتذاك... من الطبيعي جدا أن يصاب أطفال الحكومة المدللون بالهستيريا والغضب والصراخ وتوجيه الشتائم له، فهم لم يعتادوا احترام الأنظمة والقوانين والوقوف في الدور كباقي خلق الله، بل تعودوا على أن تكون الأبواب مشرعة لهم دون غيرهم، ومطالبهم مجابة في كل وقت ولأي سبب، وكل ما يحتاجونه هو نظرة غاضبة في عين أمهم "الحكومة" لتستجيب لما يريدون في لحظات، ولذلك، من الخطأ أن نلوم ذلك المدلل الحكومي الذي شتم الوزير في ثورة طفولية... بل نلوم الحكومة التي أفسدته هو وغيره بدلالها الزائد لهم وخوفها المستمر من صراخهم وغضبهم!

***

إن قبلنا اليوم بأن توضع الأقلام الصريحة في السجون فسوف نقبل في الغد أن تقطع الألسنة الصادقة ونحن صامتون... فالحرية للجاسم، ولكل صاحب رأي صادق وصريح، لا يعرف المجاملة ولا النفاق!

back to top