إذا صحَّت المعلومات التي تحدثت عن اتصالات أميركية-إيرانية تجوَّلت في عدد من العواصم الأوروبية والخليجية، ويبدو أن هذا مؤكد وثابت وصحيح، فإن ما تقوم به هيلاري كلينتون في هذه المنطقة من لقاءات واتصالات يندرج تحت وصف

Ad

"الخداع" المكشوف، ويصحُّ فيه ذلك المثل البدوي القديم القائل "يعْدي مع الذئب ويجْفل مع الغنم"!!.  

عنوان هذا التحرك الذي تقوم به كلينتون هو إغراء الصين بما تجود به الجيوب وآبار النفط الخليجية لفك علاقاتها الاقتصادية بإيران، ولتتخلى عن موقفها المتردد إزاء مشروع العقوبات الجديد الذي تسعى الولايات المتحدة ومعها دول الاتحاد الأوروبي وروسيا إلى فرضه على طهران، لإجبارها على وقف أنشطتها النووية وبخاصة بعد أن اتّخذ محمود أحمدي نجاد القرار الذي اتخذه ورفع درجة التخصيب إلى نحو عشرين درجة، متحدياً بذلك توجهات الإرادة الدولية.

كان على الدبلوماسية الأميركية ألا تلعب هذا الدور المزدوج، وأن تدخل مع طهران في اتصالات ولقاءات سرية، وفي الوقت نفسه تأتي هيلاري كلينتون للتحشيد ورفع مستوى المواجهة مع إيران وتحفيز الدول الخليجية لتقدم إلى الصين ما يغريها بأن تفك علاقاتها مع الجمهورية الإيرانية، فهذه وضعية تؤثر في مصداقية الولايات المتحدة وتجعل بكين تزداد تشدداً عندما ترى أن واشنطن تقيس بمقياسين وتكيل بمكيالين، وتسمح لنفسها بما لا تسمح به لغيرها.

وهنا فإنه لا خلاف على أن الدول العربية ودول الخليج العربي على وجه التحديد مع اللجوء إلى سلاح العقوبات، لثني إيران عن الذهاب بعيداً في برنامجها النووي والوصول به إلى الاستخدامات العسكرية، وذلك لاستبعاد العمل العسكري سواء قامت به إسرائيل أو الولايات المتحدة أو الاثنتان معاً، لكن هذا يجب ألا يعني أن يتصرف الأميركيون مع هذه الدول وكأنها جمهوريات الموز، وأن يسمحوا لأنفسهم بالتحاور مع الإيرانيين سرّاً والتحشيد ضدهم في الوقت نفسه بصورة علنية.

هناك مصالح للصين مع الولايات المتحدة أكثر من مصالحها مع إيران بألف مرة، وهذا من المفترض أن يُستخدم لإقناع بكين بالانضمام إلى ركب المؤيدين للعقوبات المشددة ضد طهران بدلاً من أن تأتي هيلاري كلينتون إلى هذه المنطقة لتحارب بسيوف الآخرين، ولتدفع للصينيين من كيس غيرها، ولتضع دول الخليج العربي في مواجهة مع امبرطورية الولي الفقيه، بينما واشنطن تجري محادثات واتصالات مع أكبر مساعدي محمود أحمدي نجاد وراء ستارٍ من السرية!!