ندوة تجمع «أسرة الكويت»: يجب إنشاء هيئة وطنية مستقلة للتعليم
شارك النائب صالح الملا ود. بدر الشيباني في ندوة نظمها تجمع أسرة الكويت بحضور أمين عام التجمع وائل المطوع لمناقشة القضايا المهمة في وزارة التعليم العالي وإيجاد حلول لها.
نظم تجمع "أسرة الكويت" ندوة تحت عنوان "التعليم العالي إلى أين؟" حاضر فيها النائب صالح الملا وأستاذ علم النفس بكلية التربية بجامعة الكويت د. بدر الشيباني وأمين عام التجمع وائل المطوع، وطرحوا خلالها وجهات نظرهم حول مستقبل التعليم العالي في الكويت وارتباط مخرجات التعليم مع ديوان الخدمة المدنية لتلبية حاجة سوق العمل، واتفق المحاضرون على أهمية إنشاء هيئة وطنية مستقلة لضمان جودة التعليم بالكويت لا يندرج عملها تحت هيكل الوزارة، كما ناقشوا قدرة الجامعات على استيعاب طلبة المرحلة الثانوية وحال الطلبة المبتعثين في الخارج وصولا إلى دور اللجنة التعليمية بمجلس الأمة الكويتي السابق.وأكد عضو اللجنة التعليمية بمجلس الأمة النائب صالح الملا على عدم وجود فلسفة واضحة للتعليم أو ما تريده الدولة من التعليم واصفا ذلك بالكارثة، موضحا اننا "رغم كوننا دولة صاحبة مبادرات في التعليم إلا أن هذه المبادرات تبخرت لسبب واحد وهو أن التعليم في الكويت ومؤسسات التعليم العالي مختطفة بالصراع السياسي الذي وصل إلى العظم"، مضيفا: "على سبيل المثال نجد في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب لم يعين نواب المدير العام على مدى عامين وكأن المنصب ليس بالأهمية، والسبب هو الصراع السياسي بين كل التيارات من اجل قطف ثمار هذه المناصب، وبوضع الحال تحت المجهر نرى أن هناك ضغطا سياسيا للتعيين في هذه المناصب بشكل نصل فيه إلى تسييس المؤسسات التعليمية، وإلى الآن فإن نواب المدير الحاليين هم بالوكالة ولا نعلم متى سيتم تثبيتهم بالمراسيم"، مذكرا بانه قد قدم سؤالا برلمانيا طالبا أسباب عدم تثبيتهم وطلب سيرهم الذاتية لمعرفة إن كانوا الأكفأ فعلا أم لا.
وبين الملا أن "جامعة الكويت لم تسلم من الصراع السياسي الذي وصل إلى قضية التجديد لمدير الجامعة مدركا خشية التسييس في التعليم وخطورته إن كان دون رؤية واضحة وصريحة".وعن الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب قال "نجد حاليا خروج الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب عن الهدف الذي وجدت من اجله وهو تأهيل طبقة المهنية وطنية ولكن للأسف أصبحت الجسر للوصول إلى الشهادة الجامعية، وأستغرب التوجه إلى فصل التعليم التطبيقي عن التدريب من أجل تخريج طلبة بكالوريوس"، متسائلا "إن كانت الكويت بحاجة إلى أكثر من جامعة فهل الحل هو القضاء على التطبيقي؟".حل مشكلة التعليموأكد الملا أنه ضد "تحدث خطة التنمية الضخمة عن التعليم ومؤسساته في جزئية متواضعة لا ترضي الطموح وبينما كان النصيب الأكبر لخصخصة التعليم"، مبينا أن "السبب الذي نرى من ورائه الكم الكبير من طلبتنا يتجه إلى الجامعات الخارجية هو المغريات المادية والكوادر التي أغرتهم حيث نجد أن كل تخصص جامعي حاليا فيه كادر بشكل لا نلوم معه طلبتنا لو استخدموا التطبيقي كجسر للحصول على البكالوريوس"، مشيرا إلى أن الحل "يكمن في ثلاث نقاط، أولا بالحاجة إلى تحديد فلسفة عامة للدولة حول ماذا تريده من التعليم، من خلال عقد مؤتمر عام يجمع كل المتخصصين بالحكومة والمجلس والقيادات التعليمية وتكون تحت رعاية صاحب السمو أمير البلاد لتحديد فلسفة عامة واضحة للتعليم، وثانيا بإعادة هيكلة المؤسسات التعليمية من خلال فصل التعليم العالي عن وزارة التربية بحيث تكون هناك هيئة عامة للتعليم العالي يرأسها شخص بدرجة وزير وتكون تابعة لمجلس الوزراء مباشرة ومسؤولة عن التعليم العالي ما عدا الجامعة التي سيكون لها قانون راق يقضي على كل سلبياتها ويجعلها مفصولة".واستغرب الملا "عدم وجود جامعات عريقة بتاريخها التعليمي مثل هارفارد واكسفورد بين 70 جامعة منتظرة ترخيصا لإنشاء جامعاتها في الكويت"، مبينا اننا "وإن عجزنا عن إنشاء مثل هيئة مستقلة لضمان جودة التعليم تقع تحت مسؤولية مجلس الوزراء مباشرة فيجب حينها على الأقل أن يتبع التعليم العالي وزارة التنمية الإدارية".حقبة الترقيعات ومن جهته، قال د. بدر الشيباني إن التعليم في الكويت مر بمراحل مختلفة على مر التاريخ، مبينا أن "التعليم في الكويت يمر بحقبة من الزمن امتدت من ستينيات القرن الماضي إلى السبيعينات وتسمى بحقبة الحاجات الملحة، التي وضعت فيها احتياجات البلد للتعليم من الأولويات وعلى ضوء ذلك تم إنشاء جامعة الكويت ومعهد المعلمين، أما في الحقبة الزمنية الممتدة من سبعينيات القرن الماضي إلى الثمانينات فقد كانت الحقبة التصحيحية حيث منح معهد المعلمين دبلوما وتم إنشاء كلية التربية بجامعة الكويت تلبية لمطالب تطور التعليم"، لافتا إلى أن "ثمانينيات القرن الماضي شهدت حقبة الترقيعات على حد وصفه بالنسبة لتعليم بدأت فيه المطالب الشعبية تغلب المطالب الأكاديمية، وأما حقبة ما بعد الغزو فهي التي أسماها بحقبة "العمليات التجميلية" كتجميل لتعليم السيء ذو اطروحات غير مدروسة ومن أشخاص ليسوا بتربويين أحيانا، وبعد أن كنا ننافس بدراسة الثانوية عند الدول العربية المتقدمة تعليميا أتت حقبة المؤامرة على التعليم للأسف.وانتقد الشيباني الوضع الحالي "لعدم اعتراف الجامعات العالمية بتخصصات كلية التربية الأساسية بالتطبيقي باستثناء جامعة ستة أكتوبر في جمهورية مصر العربية"، مؤكدا في ختام كلمته أن "دخول السياسة في التعليم في هذه الحقبة الأخيرة أثر سلبا على التعليم وعرقل تطوره وفتح الباب أمام سموم الطائفية والقبلية والفئوية للانتشار في جسد التعليم في الكويت، لا سيما ان اليات التعليم العالي تعاني خللا لكوننا مرتبطين بمخرجات تعليم من الثانوية تفوق قدرة الجامعات على استيعابها".أعداد هائلةوقال أمين عام التجمع وائل المطوع إن التعليم أمر أساسي ومهم جدا في خطة التنمية الشاملة، مؤكدا عدم قدرة الجامعات على استيعاب خريجي الثانوية العامة والتسرب الطلابي من الجامعة بسبب أعداد الطلبة الهائلة بشكل يزيد عن الطاقة الاستيعابية للجامعة، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أن "كل المؤسسات التعليمية تعاني المشاكل ولكن المشكلة الأساسية تكمن في ديوان الخدمة المدنية، لكثرة الأعداد في الجامعة وعدم وجود وظائف لهذه الأعداد والديوان يفترض فيه ربط حاجة سوق العمل بمخرجات التعليم من خلال الدراسات والإحصاءات التي يطلبها ويقدمها".واعتبر أن "التصريح الصادر قبل فترة حول التحذير من وجود أزمة تلوح في الأفق حول التوظيف يشكل إدانة أكثر من أن يكون إعلان حالة من الديوان لأنه يبين وبشكل واضح وجوب أن يتحمل الجميع مسؤولياته ويقوم بتحديد الكم الذي يحتاجه بالضبط خصوصا من قبل الديوان".وتوصل المطوع إلى أن "الحل يتمثل في أمر واحد كما قامت به الدول المتقدمة وهو إنشاء هيئة وطنية مستقلة لضمان الجودة والتي أصبحت حاجة ملحة جدا"، مشيرا إلى تصريح وزيرة التربية والتعليم العالي د. موضي الحمود في مؤتمر الجودة بأنها ستأخذ بتوصيات المؤتمر في هذا الصدد، مبينا أننا لم نر تقدما يذكر في هذا الموضوع منذ ذلك الحين ومنذ أشهر، مضيفا أن "هيئة كهذه لا يجب أن تنشأ كذلك تحت سلطة وزارة التربية والتعليم العالي فالغرض منها بالأساس هو مراقبة كل مؤسسات التعليم وبشفافية وإن فعلنا ذلك فكأننا نسحب منها مخالبها، والحل هو أن تكون هيئة مستقلة وتابعة كما في بعض الدول لمجلس الوزراء مباشرة".وأضاف المطوع أن "وزارة التعليم العالي حاليا تعد مشتتة نوعا ما برغم تقديرنا لجهود الكثير من القائمين عليها، ولكن النظام بذاته خاطئ وهناك الكثير من المشاكل والسلبيات كالواسطات أحيانا"، مؤكدا أن "عدد البعثات لا يعد مناسبا أبدا، والصندوق المشابه لصندوق الأوفست الذي يُقترح إنشاؤه حاليا لن يصل إليه إلا من يملك الواسطة والإمكانية بينما غير المقتدر ماديا لن يصل إليه وسيرسل ابنه إلى الخارج على حسابه".واستغرب المطوع مشكلة المعادلات ضاربا مثالا على خريجي تخصص اللوجستيك بالقول "نجد أن التعليم العالي اعتبر هذا التخصص إدارة أعمال غير ملاحظ الفرق الشاسع بينهما"، مشيرا إلى أنه "يجب أن تكون هناك محاسبة برغم أن العيب ليس بالتعليم العالي والأشخاص القائمين عليه بل بالنظام المعمول به أصلا".كما تحدث عن وضع طلبتنا في الخارج مقارنة بوضع طلبة باقي الخليج في الخارج، مبينا أن "المرافق في بعض دول الخليج يتسلم معاشا كاملا بينما في الكويت إن خرج كمرافق فإنه لا ينال سوى نصف الراتب برغم أننا دولة غنية"، مضيفا "في الخليج تعطى الطالبة التي تخرج للبعثة في الخارج محرمين بدلا من الواحد بينما في الكويت دون محرم"، مثيرا مشكلة اختيار موظفي الملحقية الثقافية في الخارج "الذين غالبا لا يكونون كويتيين عدا الملحق الثقافي والمستشار، بينما يجب أن تكون الغالبية من الكويتيين لأنهم سيكونون أقرب إلى مشاكل طلبتنا في الخارج من غيرهم".