بعض العراقيين مايزال يهذي كما يهذي الممسوس، ويرى الكويتَ صبية عقت أمها العراق. ولو كانت الكويت مفلسة يتزاحم الديّانة على بابها لما طالب بها هذا العراقي ابن العراقي، ولكنه الجشع العراقي المعهود يا سيدي.

Ad

وسيكون مجنوناً المسؤول العراقي الذي يفكر، ولو مجرد تفكير، في احتلال الكويت مرة أخرى، وسيكون نهاره «أسود» من النفط الخام. لا أقول ذلك من باب الفشخرة البلّونية، بل لأنني كنت شاهد عيان بيان على «كمية النار» التي يمتلكها الجيش الكويتي، وعلى حداثة أسلحته، وسرعة الصيانة. فما إن تتعطل آلية حتى يهرول إليها أربعة، كما في مباريات كرة القدم، فيحملوها إلى كتائب الصيانة التي تبلسم جراحها، وتسهر على راحتها وصحتها. ولا أقول إن جيشنا سيهزم الجيش العراقي، لو لا قدر الله فكّر في الهجوم علينا، لكنه لن يدعه يصل إلى الجهراء إلا ليراجع عيادة الحوادث المتهالكة في مستشفى الجهراء.

فعلاً لا قولاً، يعيش جيشنا أزهى عصوره، ويفتل أشنابه، ويضرب زنوده لفرط الصحة والعافية، اللهم زد وبارك... وفعلاً لا قولاً، يتمتع عساكرنا بلياقة قتالية عالية أنتجتها التمارين المتتالية... وفعلاً لا قولاً، معالي النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك يتعامل مع الجيش كما يتعامل الجد مع حفيده الوحيد، ويركض لجلب كل ما يريده الحفيد، لذا كان شديد الإلحاح على زيادة رواتب منتسبي الجيش، وقد تم له ما أراد، فله التحية ولهم التهنئة.

أما رئاسة الأركان فهي في يد القائد الروماني الذي لا يبتسم، الفريق الركن أحمد الخالد. والله يشهد أنني أحد الذين لا يحبون قسوة هذا الرجل المفرطة، ولا جفافه الزائد على الحد، ربما أقول ذلك لأنني عاطفي من سلالة فريد الأطرش، إلا أن الأمانة تقتضي قول ما يردده الجميع من أن الخالد «قائد عادل لا يعترف بالواسطة»، وهذه تجبّ ما قبلها وما بعدها.

وأتذكر عندما كان الخالد مديراً للكلية العسكرية، وكنت طالباً أقرع الرأس والعقل، وكنا نحو ثلاثين «مذنباً» صدرت الأوامر إلينا بالزحف على صدورنا العارية مسافة ليست بالقصيرة، فوق صخر الأسفلت المدبب، وطال الزحف، وتجرّحت أجسادنا، فهاضت قريحتي، فنظمت أبياتاً رحت أغنيها وأنا أزحف، بصوت منخفض، ويرددها معي الزملاء وهم يزحفون:

صرنـا زواحف يـا عريبيـن الأنســـاب أكــواعها متساوية مع ركبها

الضـب قــدّامـــي ومــــــــن خــلفـــــي الـــــداب والعقربة يمّي* تهزهز ذنبها

ونتضاحك، و»في فجأة»، أثناء انشغالي بشيطان الشعر، إذ بركلة عنيفة من رِجل الخالد على ضلعي الأيمن قذفت بي إلى هنااااك، وألصقت كليتي بكبدي بمعدتي، فتلخبط جهازي الهضمي، وفقدتُ التنفس، واختفى الأكسجين من الأسواق، وضاعت قريحتي، وكدت أموت، عادي البيت بيتي، لولا أن عزرائيل أمهلني...

ومبروك يا أبطالنا العلاوة، وفي انتظار دعوات العشاء.

***

لم أستغرب تطاول النائب دليهي الهاجري على وزير الصحة الدكتور هلال الساير، فمثله أهل لمفردات كهذه وأدب كهذا.

***

شكراً لكل من راسلني أو اتصل يعدني بتزويدي بمقالات العملاق إحسان عبد القدوس، وعلى رأسهم زميلنا الجميل خالد الصدقة رئيس قسم التصحيح في هذه الجريدة. وشكراً لمن وعد بتزويدي برواياته، رغم أنني تحدثت عن مقالاته لا رواياته، وقد وصلني كتاب مقالاته، وها أنذا أمزمزه وأتذوقه وأتلمظه. ألف شكر، غمرني فضلكم.

***

الحرية لسجين الرأي الزميل محمد عبد القادر الجاسم.

***

* يمّي: بجانبي.