وجهة نظر: استقلالية القطاع النفطي
طالب الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة البترول الكويتية بمنح مزيد من الاستقلالية للمؤسسات والقيادات في القطاع النفطي، على أن تتم محاسبتهم على النتائج، وأشار خلال لقاء معه الأسبوع الماضي إلى التدخلات التي يعانيها القطاع من مختلف الجهات، وليس من نواب مجلس الأمة.
نكن كل الاحترام والتقدير للقيادات السابقة والحالية وليسمح لنا الرئيس السابق أن نختلف ونتفق معه حول ذلك. الكويت دولة مؤسسات تحكمها أنظمة دستورية مرتبطة بالعالم باتفاقيات عديدة، كيف نعمل باستقلالية عن هيئات بيئية عالمية تربطنا بها مواثيق دولية؟ كيف نعمل ضمن منظمة أوبك وتحديد سقف الإنتاج باستقلالية؟ كيف نقيم أداءنا المالي والإداري دون تدقيق من جهات استشارية عالمية؟ فكيف نقبل بالرقابة الخارجية ولا نقبل بالرقابة الداخلية لأدائنا وهل سجل المؤسسة يخلو من المخالفات المالية والادارية ؟ القيادات النفطية الحالية تحظى بالثقة لكن من يضمن ألا تأتي قيادات في المستقبل تسلك سلوكاً غير مرغوب، ونستعرض بعض الملاحظات على أداء المؤسسة مؤخراً نوجزها كالتالي: 1 - بماذا نفسر فقدان المؤسسة عقود مشتقات نفطية قيمتها تتعدى 3 مليارات دولار أميركي وفق الأسعار الحالية مع إندونيسيا وبنغلاديش عقود النافثا مع الشركات اليابانية ويصف البعض KPC انها حققت إنجازاً بأرقام علاوة عالية وتغاضت عن ذكر خسارة عقود، ونجد في المقابل شركة أدنوك ADNOC الإماراتية حققت أرقاماً تفوق أرقام المؤسسة بحدود ثلاثة دولارات ونصف الدولار للطن ولنفس الفترة التعاقدية إبريل 2010م- مارس 2011 ولم تخسر شركة أدنوك عقداً واحداً أو طناً واحداً كما حدث مع KPC وترتب على فقدان كميات كبيرة من الديزل مع إندونيسيا وبنغلاديش إلى توقف بعض السفن الكويتية التي تم بناؤها خصوصاً لتلك الأسواق. 2 - بماذا نفسر خروج شريك استراتيجي بحجم شركة شل من مشروع كبير لبناء مصفاة لتكرير النفط الكويتي في الصين بعد عدة سنوات من العمل، وكما هو معروف أن شركة Shell هي ثاني أكبر شركة عالمية في مجال تكرير النفط الخام، وتصل السعة التكريرية لها حول العالم بحوالي 4.5 ملايين برميل يومياً وتنسحب من الشراكة مع KPC وتستمر بالشراكة مع آخرين لبناء مصفاة في الصين! 3 - بماذا نفسر بناء سفن عملاقة بأسعار مرتفعة لنقل النفط الخام الكويتي ولا نستطيع توظيفها لنقل النفط إلى أميركا أو إلى زبائن في آسيا تخدم عقودنا المبرمة؟ 4 - بماذا نفسر بناء مصفاة تكرير رابعة هدفها الأساسي إنتاج زيت الوقود للكهرباء، بينما يقاس نجاح المصافي بقدرتها على تحويل المنتجات الثقيلة الى خفيفة وبرغم توافر البديل الاستراتيجي الانظف والارخص وهو الغاز الطبيعي، وبرغم وجود مرسوم أميري لاستخدام طاقة بديلة أكثر نظافة وأقل تلويثاً هي الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، والتي ستظل البديل الأنسب بعد نضوب النفط؟ 5 - بماذا نفسر تدني نسبة الرضا الوظيفي وفق الاستبيانات الأخيرة والتي تظهر نتائجها الأخيرة نسبة الرضا الوظيفي 49 في المئة ونسبة المشاركة لا تزيد على 35 في المئة من أعداد الموظفين؟ وشعور الموظفين بالإحباط يعود بالدرجة الاولى الى اسلوب الادارة العليا في معالجتها لقضايا موظفيها 6 - بماذا نفسر دعوة جهاز خدمة المواطن لتقييم اداء المؤسسات الحكومية الى وضع آلية فاعلة لمحاسبة اداء كبار المسؤولين وألا تترك الامور بدون متابعة حتى لا يقع المحظور. 7 - بماذا نفسر عزوف بعض القيادات النفطية السابقة من بينها الرئيس التنفيذي السابق لتولي منصب وزير النفط، في حين الاستجوابات لبعض وزراء النفط السابقين كانت تدور محاورها حول أداء المؤسسة وبعض القيادات، وليس أداء الوزير او وزارة النفط ، يستقيل الوزير طواعية ولا تستقيل القيادات برغم الحوادث والانفجارات. من هذه الامثلة لم يتعرض فيها القطاع النفطي الى تدخلات، في حين تعيين بعض القيادات جاء نتيجة لتدخلات حزبية وسياسية ومن بعض القيادات السابقة. والسؤال هنا هـل إعطاء المزيد من الاستقلالية في مثل هذه الأحوال مجد حقاً وإذا كنا سنحاسب على النتائج فهل تمت محاسبة أحد القيادات على تلك النتائج؟ وما هي آلية الحساب المقترحة؟ وما هي الواجبات للحفاظ على المال العام التي يراها الرئيس السابق وهو عضو حالي في المجلس الاستشاري؟ أسئلة نتركها للإجابة عنها من قبل الرئيس التنفيذي القادم، كيف سيقيس الرئيس التنفيذي نفسه؟ مقارنة بما حققته الشركات النفطية الأخرى بالمنطقة أو بالعالم من خلال الإنجازات الحقيقية، وماذا سيحقق من أهداف استراتيجية بعيدا عن شهادات الايزو؟ * خبير في تكرير وتسويق النفط