حرامية شارع الصحافة
تعتبر مشكلة السرقات في الأبحاث العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراه إحدى المشكلات المعروفة في الجامعات والكليات على مستوى العالم ككل، ولذلك طورت إحدى شركات البرمجة برنامجاً لكشف هذه السرقات، والبرنامج يحمل اسم Turnitin، وهو يقوم بعمل مقارنة بين البحث المقدم أو الرسالة العلمية المقدمة ومحتويات قاعدة بيانات ضخمة من الأبحاث والرسائل العلمية وحتى المعلومات الواردة على الإنترنت.أعتقد أننا نحتاج إلى البرنامج المذكور في المجال الصحفي أيضاً، فالسرقات الصحفية أصبحت أكثر انتشاراً من "الفوم" في احتفالات العيد الوطني، وبفضل "المارد" "غوغل"- الذي ما إن تستنجد به حتى يهبّ إلى نجدتك- أصبح من الممكن لأي شخص أن "يلطش" معلومات من كتاب أو من مقالة أو دراسة لشخص آخر وينسبها إلى نفسه. في مرات عديدة كنت أقرأ مقالات لكتّاب معروف أن قدراتهم العلمية والثقافية ضعيفة، وفجأة أجد أنه يكتب عن موضوع مليء بالمعلومات والتحليل المعمق، وعندها لابد أن يتسلل إليك الشك بأن المقال "مضروب" وليس "صناعة وطنية"، وفعلاً حدث أكثر من مرة أن تتبعت مصدر هذه المعلومات لأجد أن المقال منسوخ بالكامل من مصدر آخر مع تغيير بسيط لبعض الكلمات لمحاولة التمويه.
الأغرب من ذلك أن السرقات الصحفية لا تقتصر على الكتاب المغمورين، بل تصاب بالصدمة والدهشة عندما تكتشف أن "السارق" اسم رنان وكاتب يشار إليه بالبنان، وربما يسبق اسمه حرف الدال أو يسبقه لقب "المفكر" أو "الباحث". قبل أيام وقعت على سرقة صحفية لاسم رنان في عالم الصحافة العربية، وله مؤلفات عديدة ويتصدر الندوات الأدبية ويظهر بصورة متكررة على القنوات الإعلامية على اعتبار أنه مفكر وباحث استراتيجي. في سرقة هذا "المفكر" وجدت أنه "لطش" المقال المكون من صفحة واحدة من ثلاث دراسات أجنبية دون أن يذكر أو يشير إلى أي منها. في صحافتنا الكويتية هناك العديد من هذه النماذج "المشرفة"، وتدهش عندما تعرف أن بعض "السراق" نواب مجلس أمة ودكاترة وشيوخ دين وأئمة مساجد يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم. وكان الأولى بهؤلاء أن يتواروا خجلاً من باب "إذا ابتليتم فاستتروا"، ولكن الغريب أن هؤلاء ليس في وجوههم ذرة حياء، فعى الرغم من نشر سرقاتهم فإنهم مازالوا يكتبون وينظّرون في الصحف التي يكتبون فيها، والأعجب من هذه الصحف التي لا تحترم نفسها ولا قراءها بحيث تسمح لهؤلاء المزورين بالاستمرار بالكتابة، ومع الأسف أن بعض هذه الصحف صحف عريقة وذات مهنية عالية، ومع ذلك تسمح باستمرار وجود هؤلاء "الحرامية واللصوص" على صفحاتها.منذ سنوات عدة تصدى موقع "لصوص الكلمة" لنشر بعض نماذج "الحرمنة الصحفية"، وقبل أيام علمت من أحد الأصدقاء عن وجود موقع جديد للكشف عن السرقات الصحفية، واسم الموقع "سراق الكلمة"، وهو موجود على الرابط:، وهو يحتوي على مجموعة لأسماء محلية "معروفة ومرموقة" صحفياً، ولكنها من فئة "الذين أن يحمدوا بما لم يفعلوا". أعتقد أن هذه المواقع تقدم خدمة مهمة للقراء وللمجتمع ككل من خلال فضح "الكتاب المضروبين".