بين التعويضات ودول الضد
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
من تداعيات تلك الحقبة أيضاً، وإن في سياق مختلف، أنه في يناير 1995 ألغت الكويت ديونها المستحقة على مصر وسورية بموجب قانون صادر عن مجلس الأمة، والتي تجاوزت التسعمئة مليون دينار، وبالطبع كانت مبررات الإلغاء سياسية، فقد كان موقف كل من مصر وسورية أثناء الغزو مساندا للكويت، وشاركت الدولتان بجيشيهما في تحرير الكويت.كنا قد حذرنا من تكرار سيناريو "دول الضد" مع قضية التعويضات، وكنا قد أوضحنا أن الموقفين الأميركي والبريطاني وغيرهما مساند للعراق في مساعيه إلى إلغاء أو تخفيض النسبة المستقطعة للتعويضات، فقد انخفضت تلك النسبة من 30 في المئة إلى 25 في المئة وأخيرا أصبحت 5 في المئة، وتجري المحاولات الآن لخفضها إلى 1 في المئة، ومازال البعض لدينا يقول إنها خط أحمر.بالطبع تستطيع الكويت أن تعترض كما تشاء وتبذل تحركا دبلوماسيا معارضا كما تريد، ولكن القرار ليس بيدها، فالقرار بيد مجلس الأمن، ومفوضية التعويضات المكونة من 15 دولة، منها الدول الخمس الدائمة العضوية. ولاشك في أن مآل الأمور قد أصبح أكثر وضوحا بعد إعلان الرئيس أوباما موقفه المساند للعراق. وإذ إنه يصح القول إن المجتمع الدولي قد ساند الكويت إبان احتلالها عام 1990، فإن ذلك الموقف الذي تماسك فيه الحق مع القوة، لم يكن إلا موقفا استثنائيا، فالمجتمع الدولي يقوم على تبادل المصالح، وموازين القوى، وهو ليس محكمة تحكم بالعدل، وإن كانت الكويت قد حظيت بدعم دولي آنذاك، فليس هناك شرط لاستمرار ذلك الدعم في مسائل أخرى كالتعويضات أو غيرها.المسألة هي مسألة أمن قومي استراتيجي، تتطلب المزيد من الحذر وتحركا مدروسا، ولا يصح التعامل معها كقضايا الفساد، أو المناهج، أو أي قضية داخلية. وعسى ألا يأتي اليوم الذي تلغى فيه التعويضات رغما عنا، ونهز رؤوسنا، وندسها في الرمال، ثم نتعامل معها كما تعاملنا مع "دول الضد"، فنحن مبدعون في إضاعة الفرص ولا حول ولا قوة إلا بالله. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء