اختلف مديرو استثمار بشأن الحكم على الشركات التي تضمنت ميزانيتها شكوكاً في استمراريتها، إذ أشار البعض إلى أنه لا يجب أن نحكم حكماً مطلقاً على الشركة، ولكن لابد من دراسة ميزانيتها واستيضاح السبب الذي استند إليه مدقق الحسابات في ذلك التقدير، بينما رأى البعض الآخر أن شركات كثيرة لم تفلس واستمرت بعد عمليات إعادة جدولة لديونها.

Ad

في السابق كان لمدقق الحسابات رأي يعد في أولى صفحات التقرير المحاسبي، وهو من الأمور الاعتيادية لمدققي الحسابات، لكن هناك خطوة إيجابية أقدم عليها سوق الكويت للأوراق المالية تحسب لعموم المستثمرين، إذ بدأت إدارة السوق تعلن بشكل دقيق حجم المطلوبات والموجودات مقارنة بذات الفترة من العام السابق حينما تعلن نتائج الشركات المدرجة، كما بدأت بإعلان رأي وملاحظات المدقق الحسابي الذي يُعد ملخصاً في أولى صفحات التقرير، كل ذلك ساهم في معرفة الشركة من الناحية الرقمية بصورة مختصرة.

وجاءت ملاحظات مدققي الحسابات مختصرة ومركزة، أهمها كان عبارة مبدأ الاستمرارية الخطيرة التي يتراوح تأثيرها بين شركة وأخرى على مدى كفاءة الإدارة وحجم الدين وتوقعات التدفقات النقدية للشركات، التي احتوت إعلاناتها على هذه الفقرة المقلقة حقاً لكثير من متعاملي السوق خلال هذه الفترة.

ورغم قوة الملاحظات فإن بعضها جاء مشوشاً أو غير محدد، مما أثار شكوكاً لدى المستثمرين بشأن شكوك مدققي الحسابات حول استمرارية بعض الشركات، خصوصاً أن الكثير منها تمكّن من الاستمرار، ولم تنته بعد أن حسنت أوضاعها وتم ترتيب أمورها عن طريق إعادة جدولة ديونه واتباعه سياسات استثمارية مغايرة غير التي انتهجتها منذ إنشائها.

وشرعت بالفعل معظم الشركات ذات ملاحظات الاستمرارية في محاولات عدة، تراوحت بين زيادة رؤوس أموالها أو إعادة هيكلة ديونها حتى بيع أصول مهمة لتغطية التزاماتها في محاولات مستميتة للبقاء، ويبقى المستقبل وما يحمله لها من فرص تدر سيولة عالية تسدد بها التزاماتها المتراكمة سيحدد متى خروجها من هذه المعضلة الكبيرة.

في هذا السياق، اختلف مديرو استثمار بشأن الحكم على الشركات التي تضمنت ميزانيتها تلك العبارة، إذ أشار البعض إلى أنه لا يجب أن نحكم حكماً مطلقاً على الشركة، ولكن لابد من دراسة ميزانيتها واستيضاح السبب الذي استند إليه مدقق الحسابات في ذلك التقدير.

ورأى غيرهم أن شركات كثيرة لم تفلس واستمرت بعد عمليات إعادة جدولة لديونها. وقالوا إنه لا يجب أن نحكم حكماً مطلقاً يقضي بعدم شراء أسهم لشركات شكك مدققو الحسابات في استمراريتها، مع اعتبار ضرورة الابتعاد عن هذه الأسهم، ولكن لابد من استيضاح ما استند إليه المدقق، مشيرين إلى أن الأمر نسبي في بعض الحالات فقد يكون المشتري مستثمراً استراتيجياً ذا نظرة بعيدة الأمد يرغب في اعادة هيكلة الشركة والاستفادة من ذلك الاستثمار، ولكن في النهاية أكد البعض ضرورة الابتعاد عن هذه الأسهم، لأنها تحمل خطورة عالية قد تُفقد المستثمر أمواله.

السلمي: "risk" يتحمله المشتري

بيّن نائب الرئيس نائب العضو المنتدب في شركة الاستشارات الدولية (إيفا) صالح السلمي الفرق بين شراء أسهم الشركة المشكوك في استمراريتها للمضاربة وبين شراء أسهمها كسياسة استثمارية للجهة المشترية والمتمثلة في الاستحواذ.

وقال السلمي إنه في حالة الاستحواذ فقد يخضع ذلك القرار لوجهة نظر استثمارية بعيدة المدى.

وأضاف أنه في حالة ورود هذه العبارة في ميزانية الشركة، فإن المستثمر الذي يتخذ قراره بشراء أسهمها من المفترض أن يضع في اعتباره درجة معينة من الخطورة أو الـ"risk".

وأوضح أنه بصرف النظر عن تدني سعر الشراء فهناك خطورة في ذلك الاستثمار، مشيراً إلى تساوي درجة المخاطرة في كلتا الحالتين "المضاربة أو الاستحواذ".

ورأى السلمي أن قرار الشراء لأسهم شركة شكك مدققي الحسابات في استمراريتها، يتضمن خطورة عالية حتى إن كانت هناك نظرة استثمارية طويلة الأجل، حتى في حالة المضاربة فهناك خطورة أيضاً.

وأشار إلى أنه ليس من الممكن أن ينصح، في المُطلق، بعدم شراء أسهم هذه الشركات، إذ يخضع هذا القرار لتفسير ما جاءت بسببه هذه العبارة في ميزانية الشركة.

الخزام: قد يفقد المستثمر أمواله

قال نائب الرئيس للأسهم المحلية في إدارة الأصول في شركة إيفا للاستشارات المالية عبدالله الخزام، إن مدقق الحسابات هو الأكثر إدراكاً بوضع الشركة المالي، خصوصاً في هذه الناحية.

وأضاف الخزام انه عندما يشكك مدقق الحسابات في استمرارية شركة أو في وضعيتها بصفة عامة فتكون هناك خطورة في محل الملاحظة الموضوعة من قبله.

ورأى أن المستثمر بطبعه سيحاول الابتعاد عن الاستثمار في شركة شكك مدققو الحسابات في استمراريتها، لأنه بذلك ينأى بنفسه وبأمواله عن الخطورة ويكون في الجانب الأسلم للمحافظة على أمواله.

ولفت إلى أنه حتى لو جاءت هذه العبارة في المطلق ولم تحدد الأساس الذي بنى مدقق الحسابات رأيه عليه، فيجب الابتعاد عنها إلى أن تتضح الصورة، حتى لا تكون هناك مخاطرة غير محسوبة ومن ثم تضيع الاموال، إذ تكون المخاطر عالية جداً في تلك الحالة وقد يفقد المستثمر أمواله في ذلك الاستثمار غير محسوب المخاطرة.

المدلج: القرار نسبي

اتفق في ذلك الشأن نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة مرابحات الاستثمارية فيصل المدلج، إذ أكد أنه طالما شكك مدقق الحسابات في استمرارية شركة فبالتالي تتعرض أصولها للتآكل.

وقال المدلج انه يجب تفادي هذه الاسهم عند اتخاذ القرار الاستثماري، لأنه من الممكن ان تكون هذه العبارة وردت في ميزانية الشركة بسبب نقص الشفافية والافصاح.

وأضاف أنه إذا جاءت العبارة على العموم، فالأمر في هذه الحالة يكون نسبياً، وهنا لابد من تقييم ميزانية الشركة، أما إذا جاءت العبارة بسبب محدد فالأمر حينئذ واضح.

وعن نسبية ورود هذه العبارة في ميزانية احدى الشركات، أشار المدلج إلى أن هناك بعض الشركات قامت بالفعل بإعادة جدولة ديونها ومن ثم تحسين أوضاعها، وهنا لابد من فحص الميزانية أولاً ثم اتخاذ القرار الاستثماري بعد ذلك.

أما من ناحية الخطورة فأكد أنه طالما وردت هذه العبارة فإن هذه الشركات تكون عرضة للافلاس والتصفية، وبالتالي ضياع اموال المستثمرين.

وأشار إلى أن الوضع يختلف عند المقارنة في ما بين المتداول العادي وبين المستثمر الاستراتيجي، موضحاً أن هذا الأخير يضع في اعتباره الاستثمار طويل الأجل، إذ قد ينتهج سياسات اصلاحية في الشركة ومن ثم تكون أفضل، لأنه يرى مواضع الضعف والقوة في الشركة، وبالتالي قد يستفيد من هذا الاستثمار.

المطوع: لا أحكام مطلقة

أشار العضو المنتدب الرئيس التنفيذي في شركة "منافع للاستثمار" طلال المطوع إلى أن القرار يختلف مع اختلاف نوعية الملاحظة الواردة في ميزانية الشركة، مشيراً إلى أن المدقق يضع هذه الملاحظة لإخلاء مسؤوليته.

وقال المطوع إن بعض الشركات استطاعت بالفعل الوفاء بالتزاماتها وتحسين أوضاعها، كما أن هناك بعض الشركات وجدت بها هذه العبارة من منطلق احترازي، ولذلك على المستثمر ان يضع هذه الملاحظات في اعتباره عند اتخاذ القرار الاستثماري في هذه الشركات.

وأضاف أنه لا يجب أن نحكم حكماً مطلقاً عند ورود عبارة التشكيك تلك في ميزانية شركة، فبعض الشركات تحسن من ادائها وترتب أمورها وتتخارج من استثماراتها الخطرة، وبالتالي الوضع حينها يتغير.

وبصفة عامة لفت المطوع إلى أن هذه الملاحظة لا توضع إلا عند وجود شك من قبل المدقق في استمرارية الشركة، وان الشركة قد لا تتمكن من الوفاء بالتزاماتها، ولكن الأمر يختلف من شركة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر.

وأوضح أن الشركات التي تعتمد على الاستثمارات طويلة الأجل هي تلك الشركات التي تكون خطورة الاستثمار فيها اعلى من غيرها، لأنه لا يوجد مشتر لتلك الاستثمارات في الوقت الحالي "في ظل الأزمة".

ونوه إلى أن الشركات تقرر التخلص من الأصول غير المدرة وفي المقابل تريد التمسك بالاستثمارات التشغيلية، وهو ما لا يلاقي قبولاً عند المشترين الذين لا يريدون بالطبع شراء أصول غير مدرة ولكنهم يرغبون في الاستثمار التشغيلي، أضف إلى ذلك الضغوط من البنوك والمستثمرين لسداد الالتزامات.

وأضاف أنه حتى لو أن هناك مفاوضات لبيع أصول أو التخارج منها فيتم التمسك بالاستثمارات التشغيلية، وفي المقابل نرى عروضاً كثيرة للاستثمارات الاخرى التي لا يوجد لها مشتر.

الإبراهيم: قد يكون في غير محله

شكّك نائب أول رئيس إدارة الأصول في شركة المثنى للاستثمار زياد الإبراهيم في صحة ورود هذه العبارة في الكثير من الشركات، مشيراً إلى أنه قد يكون صحيحاً أو في غير محله.

وأوضح الإبراهيم أن عدداً كبيراً من هذه الشركات تم التشكيك في استمراريته إلا انها استمر حتى الان ولم ينته.

وقال إنه يجب دراسة الاسباب التي استند إليها مدقق الحسابات عند كتابة هذه الملاحظة في ميزانية الشركة، مشيراً إلى أنه لو كُتبت هذه العبارة كنتيجة لخسائر كبيرة أو أسباب قد تكون متعلقة بأمانة الإدارة، فيجب الابتعاد عن هذه الشركة في الوقت الحاضر حتى تتضح الصورة.

أما في الشركات الأخرى فقد يستند مدقق الحسابات عند كتابته هذه الملاحظة على الحذر الشديد، وبالتالي لا يجب أن نحكم على ذلك حكماً مطلقاً، مشيراً إلى أن هذه العبارة قد يكتنفها عدم الوضوح في بعض الأحيان.

أما بالنسبة لدرجة المخاطرة ففرق الابراهيم في ما بين المضاربة التي تتضمن مخاطرة كبيرة جداً، إذ إنها تعتمد على الربح السريع، وبين المستثمر الاستراتيجي، موضحاً أنه في هذه الحالة قد يريد المستثمر اعادة هيكلة الشركة، وبالتالي الأمر في هذه الحالة يعتمد على رؤية المستثمر واستراتيجيته تجاه الاستثمار في هذه الشركة.