آمال نحن الغلابة... أدناه

نشر في 07-07-2009
آخر تحديث 07-07-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي أراهنك على عشاء أننا شعب غلبان يقوده الدراويش صباحاً ويلسعه اللصوص على قفاه مساء، وأراهنك أن بعض تجارنا هم الأسوأ والأكثر جشعاً على امتداد اليابسة والماء.

وكان الفنان الأسطورة مايكل جاكسون قد تعاقد قبل موته مع شركة الهواتف النقالة البريطانية "او تو" لإقامة خمسين حفلاً في إنكلترا، إذ كان في مسيس الحاجة إلى المال بعدما أصبحت مربية أطفاله تصرف عليه وعلى أطفاله، وبعد قيام البنك بالحجز على مزرعته الشهيرة، نيفرلاند.

وفي لندن، بدأت حملة التسويق للحفلات، وصرفت الشركة مبالغ هائلة وطائلة من الجنيهات الاسترلينية للدعاية، ونجحت الحملة، وبيعت كل التذاكر، و"كل التذاكر" تعني "كل التذاكر"، بالمعنى والحرف، ورقصت الشركة طرباً، وشرب أصحابها نخب الصفقة الخيالية الناجحة... "وفي فجاة" حلت الكارثة ومات مايكل جاكسون. أوووف... فما الذي حدث بعد ذلك؟

لا شيء خارق للعادة، أصدرت الشركة بياناً شاركت فيه عائلة مايكل ومحبيه العزاء، وأعلنت أن "نقاط بيع التذاكر" ستكون هي ذاتها "نقاط استرداد أموال التذاكر". وبس! لم تخصم قيمة إعلانات الحفلات، ولم تتواطأ وتستثمر الأموال في البنك عدة أيام كنوع من تعويض خسائر الإعلانات والتجهيزات، ولم ولم ولم، بل دفعت الفلوس كاش عن ظهر غيب، فالحكومة شرسة، والمواطنون لو لم يستردوا أموالهم للقنوا الشركة درساً لن تنساه عبر محاربتها ومقاطعتها، ولتركوها تقشّر البصل والبطاطا بهواتفها النقالة، ثم إن الشركة نفسها شركة محترمة وبنت أجاويد.

ولو كنت أمتلك القرار في حكومتنا، لاستدعيت شركة "او تو" لتقوم بـ"إعادة إعمار" استاد جابر من جديد، ولأوكلتُ إليها بناء مشاريعنا الجديدة كلها، ولمنحتها رخصة شركة هواتف كي أضمن أن الجشع لن يعميها فترفع قيمة رسوم المكالمات دون إخطار الناس، ودون احترامهم من الأساس، ليقينها أن الناس غلابة تعميهم الطائفة ويشغلهم أحمر شفاه فنانة عن التظاهر للمطالبة بحقوقهم.

يا عمي أي موبايل أي بطيخ، اترك هالخرابيط وشوف ردة فعل الكويتيين على مستوى مستشفياتهم، ومستوى خدمات وزارة الداخلية، ومستوى جامعتهم الأرملة، التي مات معيلها، ومستوى ومستوى ومستوى، رغم أن بلدهم هو صاحب أكبر ملاءة مالية في العالم... أكرر، في العالم! ألم أقل لك إننا شعب غلبان.

وبحسب "جريدة الآن الإلكترونية"، تعاقدت شركة «البترول الوطنية» مع إحدى الشركات لجلب عمال يخدمون في محطات الوقود، فأحضرتهم الشركة لكنها لم تدربهم كما نص العقد، فاضطرت البترول الوطنية إلى تسليمهم العمل وهم لا يعرفون العملة المحلية وتقسيماتها ولا آلية العمل نفسها. هاهاها.

والأنكى من ذلك أن عدد العمال الآسيويين هؤلاء أقل من العدد المتفق عليه في العقد، وهنا اضطرت «البترول الوطنية» إلى زيادة ساعات عمل العمال المساكين من 8 ساعات إلى 16 ساعة في هذا الطقس الصيفي الجميل.

هذا ليس جشعاً، هذا افتراس من الدعامية إلى الدعامية، هذا مص عظم. وأصحاب الشركات المفترسة هم أكثر الناس حديثاً عن الوطنية وعن وجوب تشجيع الشركات الوطنية، وهم أقل الناس احتراماً للناس وللبلد، وهم يعلمون أن الحكومة "شايلة مرارتها" منذ عهد الإمبراطور الروماني العظيم أوكتافيوس، وأن الناس مشغولون في تقسيماتهم الفئوية والطائفية. والخلافات هذه مفتعلة، ومخطط لها، فالمفترسون هم المتحكمون بوسائل الاعلام، والناس غلابة تتبع الدراويش والعنصريين، وكلما ارتفعت حدة الخلافات الطائفية والفئوية أيقنت أن هناك، في نفس اللحظة، من يرتدي القفازات ويتسلق المواسير.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top