قدم أحد أعضاء مجلس الشعب المصري اقتراحا بقانون لإسقاط الجنسية عن 20 ألف مصري لزواجهم من إسرائيليات، حيث يمثل هذا الزواج تهديدا للأمن القومي المصري، وقد أثار هذا الاقتراح اعتراض الكثيرين بدعوى أن حق الزواج واختيار الزوجة من الحقوق الأصيلة للإنسان، ولا يمكن إجباره على رفض شيء أو قبوله، واعتبروا ذلك انتقاصا من حرية الفرد وحقوقه الإنسانية.

Ad

وما أثارني وأغضبني هو السبب الواهي الذي استند إليه مقدم الاقتراح وأصبح «أكليشيها» يستخدمه الكثيرون في أي وقت، وهو تهديد الأمن القومي المصري، ولا أدري هل أصبح الأمن القومي المصري هشا إلى هذه الدرجة ليتهدد نتيجة اختيار أقل من 001,% من سكان مصر زوجاتهم؟!

بالتأكيد لا يمكن اتخاذ هذا السبب ذريعة لهذا القانون، ولكن إسقاط الجنسية، بالرغم من أنه قرار سيادي- كما ينص الدستور- يجب ألا يكون تعسفيا أو انتقائيا، ويجب أن يكون ضمن ضوابط ثابتة ومعايير محددة لا تتبدل ولا تتغير، فلا يمكن مثلا إسقاط الجنسية عمن يتزوج إسرائيلية وتركها لمن يتزوج إنكليزية، ولا يمكن اعتبار من يرتبط (إنسانيا) بيهودية مجرما خائنا ومن يرتبط (إنسانيا) بأميركية شريفا ووطنيا مخلصا.

نعم نكره اليهود لعداوتهم التاريخية لنا، ولكن أساس الحكم هو ما يفعله الإنسان ويقوم به، وهذا ما يحاسب عليه، أما الاتهام والتخوين لمجرد الزواج من إنسانة ربما لا تعرف شيئا عن السياسة ولم تمارسها يوما فهو أمر مرفوض تماما، ولا يمكن إجباره على التنازل عن جنسيته إن أراد التمسك بها، ولكن عليه أن يدرك أنه لا يمكن منح أبنائه الجنسية المصرية ولا يحق له المطالبة لهم بها لأنهم سينالون الجنسية الإسرائيلية تبعا للقانون الإسرائيلي.

يحاول البعض للأسف الجمع بين جنسيتين للاستفادة من بعض الأمور الشخصية والمعيشية، فبعض المصريين يسعى إلى إكساب أولاده جنسية غربية مع الاحتفاظ بالمصرية من أجل الجمع بين المزايا لكلتيهما، أي أنه بصراحة يجعل جنسيته المصرية «ستاندباي» لخدمة أولاده في تعليمهم وإقامتهم، بينما الجنسية الأخرى جاهزة لحرية التنقل والعمل وغير ذلك.

إن الجنسية شرف وانتماء وحقوق يقابلها واجبات ولا يمكن الفصل بينهما، ومن حق الدولة تحديدها ولا يمكن الادعاء بأن ذلك ينتقص من الحرية الشخصية للأفراد، فإذا كان من حق صاحب العمل- على المستوى الفردي- منع العامل لديه من العمل عند آخر فهل لا يحق للدولة منع مواطنيها من الحصول على جنسية أخرى إلا بعد التنازل عن جنسيتها، مع العلم أنه لا توجد دولة في العالم كله تفرض جنسيتها على من لا يريدها؟!

إن مشكلة ازدواج الجنسية مشكلة حقيقية، فإلى أن تلغى الحدود الإقليمية بين الدول يظل تمسك الدولة بحقها أمرا مشروعا، ولا يخفى على أحد ما أثاره تعيين وزير في الوزارة السابقة وهو يحمل جنسية غربية أخرى من الكثير من علامات الاستفهام والاستنكار، ولكن السؤال لماذا يوافق النظام على تعيين وزير يحمل جنسيتين ويحرّم ذلك على باقي المواطنين؟!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء