يحسب للجنة حقوق الإنسان في المجلس قراءتها لملف الإبعاد الإداري، والتعسف في استعمال تلك "الرخصة" التي خولها القانون لوزارة الداخلية، وكان الأولى أن تخضع مسألة الإبعاد الإداري لولاية القضاء، بدلاً من إخراجها من حيز رقابته هي وقضايا الجنسية ودور العبادة، لكن في مثل ظروف الكويت التي يشكل الوافدون فيها ما يقارب ثلثي عدد السكان، منهم نسب لا بأس بها هم ضحايا لتجار الإقامات، يصبح إخضاع سلطة الإبعاد لرقابة القضاء قضية قد تكون غير عملية حين تغرق المحاكم في قضايا المخالفات لقانون الإقامة، ويضيع الحد الفاصل بين المظلومين من الأجانب وغيرهم من المخالفين.

Ad

ما يهم الآن هو تحديد مفهوم التعسف في استعمال رخصة الإبعاد الإداري حين صورها المشرع بأنها من اعتبارات مبدأ سيادة الدولة، والتعسف هنا يظهر حين يتم استغلال مثل تلك الرخصة على غير الهدف والقصد الذي وضعه المشرع. فكم بريء أبعد عن البلاد حتى يتجنب "الكفيل" الكويتي مطالبة مالية حالية أو محتملة من الأجنبي المبعد، وكم مظلوم تم تسفيره إرضاءً لاعتبارات سياسية جوفاء، مثل إبعاد مجموعة من المصريين الذين أبعدوا قبل أشهر، لأنهم أظهروا تأييدهم لمرشح الرئاسة المصرية محمد البرادعي... لنقف هنا ونسأل لماذا تتم معاقبة الأجنبي بالإبعاد حين يتوقف عن دفع "الجزية" السنوية لتاجر الإقامة، بينما يترك الأخير دون حساب لا عقاب؟! ولماذا نثور حين يزج باسم الدولة الكويتية في قائمة الاتجار بالبشر، وكأن الكثيرين لا يمارسون مثل تلك التجارة السوداء؟ ألم يصبح من مأثوراتنا الشعبية حين نقول لغير الكويتي "اسكت ولا أسفرك!" وقد كتب مشكوراً الزميل جاسم بودي افتتاحية في جريدة الراي قبل فترة، منتقداً تلك الممارسة المعيبة في ثقافة الاستعلاء والتكبر من بعضنا ضد الغير.

إذا أردنا أن يكون الكلام منصفاً لمن يخدمون ويشقون في هذا البلد، فالواجب أن يفتح ملف الخدم ووضعهم المبهم في النظام القانوني، فقد تم استبعادهم في السابق من أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي، وتم تناسيهم في القانون الجديد، ولا يبدو أن هناك نية لإصدار تشريع ينظم حقوقهم تجاه أرباب العمل في المنازل، فقد جاؤوا من بلاد الفقر والتعاسة من أجل لقمة العيش ليعيشوا هنا تحت ظلال شبح الاستغلال والإبعاد، عند البعض منا من أصحاب النفوس المريضة. هل نتخيل كيف تكون حياة الأسرة الكويتية من دون خادم...؟! وهل سنتصور كيف يمكن أن تسير شؤون البلد من دون "أجنبي"...؟ أغلقوا أبواب الدولة وامنعوا دخول جميع الوافدين القادمين للعمل، ولنر كيف تتفتح همم بني نفط لبناء مدن الحرير!