قولوا لنا ما العمل؟
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
الخصخصة ليست وصفة دواء تشفي من داء الريع والاتكال الكويتيين اللذين تزامنا مع تصدير أول برميل نفط كويتي في أربعينيات القرن الماضي، وتم تدريجياً القضاء على روح العمل والإنتاج عند الإنسان الكويتي، وحل محلها مفهوم الجنسية الكويتية كوسيلة وحيدة لضمان بحبوحة العيش الرغيد، وصار الأجر مقابل الجنسية لا العمل. وليست الخصخصة هي الطريق إلى القضاء على الفساد في دولة الموظف العام. العكس أحياناً هو الصحيح، ففي باكستان الخصخصة تساوي الفساد، وأعلن وزير الداخلية في روسيا عام 1993 أن 30 في المئة من المحال والصناعات الصغيرة استولت عليها المافيا الروسية وأصحاب الإثنيات العرقية بعد بداية التخصيص في روسيا، وهنغاريا التي بدأت الخصخصة عام 1989 تم تسمية اقتصادها المختلط بـ "جلواش الشيوعية"، وجلواش هي شوربة فوضى من اللحم والخضار اشتهرت في دول أوروبا الشرقية.ندري بكل عورات الخصخصة التي ليس لها أول ولا آخر، لكن ما الحل وأمامنا لغة الأرقام التي تحدث بها بقوة جاسم السعدون في لقاء تلفزيون الراي مع التحالف الوطني؟ ما العمل حين يصير من الاستحالة توفير رواتب لـ 80 في المئة من العاملين في الحكومة حين يتضاعف سكان الكويت عام 2035؟! وما العمل ونحن أمام واقع أن 90 في المئة من دخل الدولة يكمن في سلعة البترول وأنه سيتناقص وقد توجد له بدائل خلال السنوات القادمة؟! وما العمل عندما أضاعت السلطة بوصلة التعليم وأحلت الكم بدل النوع، واستثمرت في أسهم وسندات وأوراق مالية بمديري محافظ مالية ماركة "بلاعين البيزة" يتقادمون على كراسيهم ولا أحد يزحزحهم عن جبالهم الراسخة في التكسب والارتزاق من المال العام بدلاً من الاستثمار في الإنسان الكويتي بالثقافة والتعليم الجيد؟ندري ونعلم بكل ذلك... ندري أننا مع الخصخصة وبوجود حكومة وحكومات ليس لديها رؤية للمستقبل وتغرق في شبر ماء نخاطر وندخل في عالم المغامرة... لكن من جديد ما الخيار الآخر أمام ثوار إمبراطورية الموظف العام وجيوش اجلس في بيتكم والراتب مضمون...؟! بدلاً من تحريك التجمعات والمسيرات، أما كان من الأولى أن يقدم ثوار "الطبقة الثالثة" الكويتيون - تأسياً بمجلس طبقات الشعب الفرنسي قبل ثورة 1789 - رؤيتهم وطريقهم لحل معضلة تفجر الوظيفة العامة، وأن يقدموا مشاريع القوانين التي تضمن مستقبل الأجيال مثل قانون ضريبة الدخل، ويبدأوا في تشريع ضوابط الرقابة على التخصيص مثل قوانين الشفافية ومنع الاحتكار وغيرها؟ أم ماذا... هل نحن أمام معركة ضمان الغد للأجيال أم ضمان الشعبويات وضمان سيادة الجهل والتواكل...؟