آخر وطن الحب أعلم


نشر في 19-02-2010
آخر تحديث 19-02-2010 | 00:01
 مسفر الدوسري لذيذة بعض الشجارات التي يفتعلها الحب لتحريك الماء الراكد تحت أقدام العاشقين...

وتلك الرياح التي تتعمد كسر الغصون التي ترفض أن تمارس الحياة..

وذلك المطر الذي يزيح الغبار عن عيون الأوراق الخضراء لتزاول توقها الصادق إلى رؤية شروق الشمس..

بعض الشجارات الصغيرة بين العشاق هدية من السماء تنزل على شكل قطرات من الماء لتكنس في طريقها إلى العدم كثيراً من الأوراق التي سكنها اليباس في شجرة الحب..

الشجارات التي يتعمدها الحب بدون تخطيط ولا تدخل منا، تعيد النضارة إلى وجه الحب، تغسله بماء الورد، تمسح ما تركه السهد من ظلال سوداء تحت عينيه، تطرد عن نبض قلبه رتابة الموسيقى، ترتق الشقوق الظاهرة على ثيابه، وتبدل ثيابه بأخرى جديدة إن اضطرت إلى ذلك..

تُدلّك جسده بزيت البابونج والزعفران، وتنشط دورته الدموية..

تحجز له مكاناً في جمال الصخب، بعيدا عن مدينة الهدوء التي التهمها الملل..

الحب يعرف جيداً التوقيت المناسب للشجار، وما هو الفصل المواتي للزعل...

يعرف جيدا ما هو الموسم المناسب لتكوين السحب السوداء في سماء العشاق...

والتوقيت المناسب للوسم الذي ستحيا به زهرة الخصام، ويعرف أيضاً متى يكون الوقت المناسب لحصد سنابل الرضا...

الحب يعرف كل ذلك ويعيه، العشاق فقط من يخطئ المواقيت!

العشاق كثيراً ما يفتعلون شجارات في غير وقتها

يقودهم غرورهم إلى زرع نبتة في غير فصلها

وابتكار مطر في غير موسمه

يظنون أنهم بلغوا من الحلم ما يمكنهم من معرفة ما هو في صالحهم

غير مدركين بأن لا عاشق يبلغ سن الرشد أبدا

العشاق لا يكبرون

العشاق لا يعون

العشاق لا يعقلون

وهذه أجمل مزاياهم...!

كل عاشق ظن في لحظة أنه جاوز الثامنة عشرة من عمره، مات كعاشق في ذات اللحظة

كل عاشق اعتقد أنه عقل، لفظه الحب على قارعة الطريق منفياً يشكو البرد وعتمة القلب.

كل عاشق توهم أنه قادر على ارتداء ملابسه وحده، بقي عاريا...

وكل عاشق سولت له نفسه الأمارة بالسوء أنه قادر على إطعام نفسه مات من الجوع.

قدر العشاق أن تظل أقدارهم بيد الحب وحده

هو من يخطط لهم

وهو من يرسم خطوط الحظ بكفوفهم...

وهو عصاهم التي يتلمسون بها الطريق

وعيونهم التي ترى ما ليس يرى

هو أباهم الذي يأمرهم فلا يعصون له أمراً

وهو أمهم التي تطعمهم، ولا يثقون بطعام يقدمه سواها

الحب هو مَن يملك الصلاحية كاملة في بناء السكن الصالح للعشاق على ذوقه، وتأثيثه على مزاجه...

وهو من يملك الصلاحية كاملة في ابتكار الطقوس المناسبة لأجوائهم،

وهو الوحيد المتحكم بالنشرة الجوية لمشاعرهم...

يعرف جيدا متى يفترض أن يكون الجو صحوا

ومتى يكون ممطرا...

ومتى يطير الحمام، ومتى يستكين

فمن الغباء أن يفتعل الشجار عاشقان، لأن ذلك يؤدي غالبا إلى الفراق

فليتركوا مهمة توقيت الشجار... للحب، فهو أعلم.

back to top